المريخ

أعاد مسبار “بيرسيفيرانس” إشعال فضول العلماء بعد رصده صخرة غير مألوفة على سطح المريخ، وصفها باحثو وكالة “ناسا” بأنها “لا تنتمي للمكان”. فقد اكتشف المسبار صخرة بعرض يقارب 80 سنتيمتراً عند أطراف فوهة جيزيرو، وهي منطقة يُعتقد أنها احتضنت بحيرة قديمة قبل مليارات السنين. وتمتاز الصخرة، التي أُطلق عليها اسم Phippsaksla، بشكل منحوت غريب وتركيبة معدنية لا تشبه الصخور المحيطة بها.

وباستخدام جهاز SuperCam الذي يُذيب أجزاء دقيقة من السطح عبر ليزر عالي الطاقة، تبين أن الصخرة تحتوي نسباً مرتفعة من الحديد والنيكل، وهما عنصران نادراً ما يجتمعان بهذه الكثافة في صخور المريخ. وترجح عالمة الجيولوجيا كانديز بيدفورد من جامعة بوردو أن يكون مصدر الصخرة نيزكاً معدنياً قدم من خارج المريخ، إذ يشبه تركيبها المعادن الموجودة في أنوية الكويكبات الكبيرة.

ويُعد هذا الاكتشاف لافتاً لأن “بيرسيفيرانس”، منذ وصوله إلى جيزيرو عام 2021، لم يعثر على نيزك معدني واحد، خلافاً لمسابير أخرى رصدت مثل هذه الصخور في فوهات مختلفة. ويشير خبراء النيازك إلى أن وجود الحديد والنيكل بكميات كبيرة يُعد سمة للنيازك المعدنية التي تتشكل عندما تنصهر الكويكبات وتغوص معادنها الثقيلة نحو المركز.

ويرجّح البروفيسور غاريث كولينز من “إمبريال كولدج-لندن” أن المريخ يتعرض لوابل يومي من النيازك، لكن معظمها صخري، فيما لا تتجاوز النيازك المعدنية 5%، ما يجعل اكتشاف Phippsaksla حدثاً نادراً. كما يعتقد بعض الباحثين أنها ربما جاءت من حزام الكويكبات، وقد ساعدتها صلابتها على الوصول إلى السطح سليمة.

ولم يكن هذا الاكتشاف الغريب الأول لـ”بيرسيفيرانس”، إذ سبق أن رصد في أغسطس الماضي صخرة تشبه “خوذة” مغطاة بفقاعات صغيرة، يعتقد بأنها بقايا نشاط بركاني قديم أو ناتج عن سقوط نيزك. وتضيف مثل هذه الاكتشافات أدلة جديدة على أن المريخ كان نشطاً جيولوجياً في الماضي وربما احتضن بيئات قابلة لوجود حياة مجهرية.

وأكد علماء “ناسا” أنهم بحاجة إلى مزيد من التحليل للتأكد من أن الصخرة نيزك معدني بالفعل. وفي حال تأكيد ذلك، سيعزز الاكتشاف فهم العلماء لتطور الكويكبات وتاريخ فوهة جيزيرو، ويسهم في رسم صورة أوضح لمسار النيازك التي تهبط على المريخ ودورها في تطور الكوكب.

البحث