أشارت دراسة حديثة إلى احتمال أن الارتفاع الملحوظ في معدلات اضطراب طيف التوحد واضطرابات النمو العصبي مرتبط بتطور الدماغ البشري على مدى العصور.
فبينما يُقدّر أن طفلًا واحدًا من بين كل 100 تقريبًا حول العالم مصاب بالتوحد، ما زال الخبراء منقسمين حول ما إذا كانت هذه الزيادة ناتجة عن تحسّن في التشخيص أو أنها تعكس فعليًا تصاعدًا في الحالات.
في دراسة نُشرت في مجلة Molecular Biology and Evolution، وجد فريق من جامعة ستانفورد أن الانتقاء الطبيعي قد لعب دورًا في ظهور بعض الجينات المرتبطة بالتوحد. إذ اكتشف الباحثون أن الخلايا العصبية الأكثر وفرة في الطبقة الخارجية للقشرة الدماغية (خلايا L2/3 IT) قد تطوّرت بسرعة ملفتة في البشر مقارنة ببقية الثدييات، وهذا التطور ارتبط بكبح نشاط جينات ذات صلة بالتوحد واضطرابات الشخصية.
يفترض الباحثون أن هذه التغيرات الجينية، التي أثّرت على وظائف الدماغ، مكنت البشر من قدرات معرفية متقدمة كالمعالجة اللغوية والتفكير المعقد، لكنها في المقابل ربما زادت من القابلية لتظهر لديهم اضطرابات النمو العصبي، ومنها التوحد. أي أن الجينات التي ساهمت في تطوير الدماغ قد جعلت بنيته أكثر هشاشة أمام تغيّرات طفيفة تؤدي إلى الاختلافات العصبية.
وجاء في كلمات الباحث الرئيسي ألكسندر ستار:
“تشير نتائجنا إلى أن التغيرات الجينية التي جعلت دماغ الإنسان فريدًا ساهمت أيضًا في تنوع وظائفه، بما في ذلك احتمالات الإصابة باضطرابات النمو العصبي.”
وتكتسب هذه النتائج أهمية في ظل الجدل الذي أعقبه تحذير للرئيس الأميركي دونالد ترامب، بشأن استخدام الباراسيتامول لدى الحوامل، بدعوى وجود ارتباطه بالتوحد. وقد دفع هذا الخبراء إلى وصف ذلك التحذير بأنه مثير للهلع، مؤكدين أن الأدلة العلمية الحالية لا تدعم وجود علاقة سببية واضحة.
في الأبحاث الحديثة من جامعة ماونت سيناي وهارفارد، يُنصح باستخدام الباراسيتامول أثناء الحمل فقط تحت إشراف طبي، وبأقل جرعة ممكنة وأقصر مدة، مشيرين إلى أن العلاقة المحتملة بين الدواء والتوحد تحتاج إلى دراسات إضافية للتأكد منها بصورة قاطعة.