بعد الصدمة التي اجتاحت العالم مع تفشي جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19)، ظهرت مفاجأة غير متوقعة، حيث لم يتماثل جميع الناجين للشفاء التام، إذ استمرت معاناة بعضهم من مشكلات صحية طويلة الأمد.
وقبل حوالي أربع سنوات، بدأ الباحثون يلاحظون أن فيروس سارس-كوف-2 قد يؤدي إلى تدهور الأداء العقلي والجسدي لفترات طويلة حتى بعد التعافي من العدوى الأولية.
ومنذ ذلك الوقت، أُطلق على هذه الظاهرة اسم “كوفيد طويل الأمد”، وهو مصطلح يشير إلى استمرار الأعراض لمدة تزيد على أربعة أسابيع بعد الإصابة. ومع ذلك، لا يزال الطب يبحث عن تفسيرات واضحة لهذه الحالة، فضلًا عن تطوير علاجات فعالة للتعامل مع تأثيراتها المستمرة.
انخفاض خطر الإصابة بكوفيد طويل الأمد
الأخبار الجيدة هي أن خطر الإصابة بكوفيد طويل الأمد قد انخفض بشكل ملحوظ مقارنة بالموجات الأولى من الجائحة. ويرجع ذلك إلى:
- المناعة المعززة من اللقاحات، التي ساهمت في تقليل شدة العدوى.
- تراجع عدد المتحورات الشرسة، مما أدى إلى أعراض أقل حدة وأقل استمرارًا.
وفقًا لما ذكره أندرياس شتالماخ، الخبير في مستشفى جامعة يينا بألمانيا، فإن نسبة الأشخاص الذين استمرت لديهم الأعراض لأكثر من 12 أسبوعًا (المعروفة باسم “ما بعد كوفيد”) كانت بين 6% و8% خلال الموجة الأولى، لكنها الآن انخفضت إلى 1%-2% فقط من المصابين.
وتضيف كارمن شايبنبوجن، من مستشفى شاريتيه في برلين، أن:
“نسبة كبيرة من المصابين يتعافون تمامًا خلال ستة أشهر، لكن بالنسبة لمن تستمر لديهم الأعراض بعد هذه المدة، فإن احتمال استمرارها لسنة أو سنتين يصبح مرتفعًا.”
العلاج والتعامل مع كوفيد طويل الأمد
حتى الآن، لا يوجد علاج موحد لحالات كوفيد طويل الأمد، لذلك يعتمد الأطباء على خطط علاج فردية وفقًا للأعراض التي يعاني منها كل مريض. وتشمل التوصيات الشائعة:
- العلاج الطبيعي والتمارين الرياضية، لتحسين اللياقة البدنية واستعادة القوة.
- تقنيات التنفس، لتخفيف مشاكل الجهاز التنفسي.
- تمارين الاسترخاء والتدريب الذهني، للحد من التعب الذهني والإجهاد.
وفي الحالات الشديدة، يحذر الأطباء من إجهاد المرضى، ويؤكدون ضرورة اتباع نهج علاجي متوازن لتجنب تفاقم الأعراض.
ومن أكبر التحديات التي تواجه الأطباء هو تشخيص كوفيد طويل الأمد، حيث لا توجد معايير محددة أو اختبارات قاطعة لتأكيد الإصابة به.
ويؤكد أندرياس شتالماخ، رئيس مركز “ما بعد كوفيد” في مستشفى جامعة يينا:
“يمكن أن تختلف الأعراض من شخص لآخر، وقد يكون التشخيص في بعض الحالات خاطئًا تمامًا. لذلك، من المهم التركيز ليس فقط على تطوير علاجات للأعراض، ولكن أيضًا على تعزيز الوقاية من الأساس.”