تعبيرية

يواصل علماء الفيزياء الفلكية أبحاثهم لفكّ ألغاز الكون، حيث أشار تحليل علمي جديد إلى اقتراب العلم من تأكيد وجود المادة المعتمة، وهي مادة غير مرئية يُعتقد أنها تشكل أكثر من ربع كتلة الكون.

الاهتمام العلمي تجدد بعد رصد توهج غير معتاد لأشعة غاما بالقرب من مركز مجرة درب التبانة، حيث تقع مجموعتنا الشمسية. هذه الظاهرة، التي رُصدت باستخدام تلسكوب فيرمي الفضائي، أظهرت فائضاً غير مفسّر من أشعة غاما في مساحة شاسعة من الفضاء، ما فتح الباب أمام فرضيتين علميتين مثيرتين.

الفرضية الأولى تشير إلى أن هذا التوهج قد يكون نتيجة تصادم جسيمات المادة المعتمة، المجتمعة بكثافة في مركز المجرة. أما الفرضية الثانية، فترجّح أن تكون الانبعاثات ناتجة عن نجوم نيوترونية سريعة الدوران، تعرف باسم “النجوم النابضة”، التي تصدر إشعاعات كهرومغناطيسية عالية الطاقة.

التحليل الجديد، الذي اعتمد على محاكاة رقمية متقدمة، وجد أن كلا الفرضيتين تمتلكان نفس درجة الاحتمال، وهو ما يدعم احتمال أن يكون هذا التوهج الغامض علامة على وجود المادة المعتمة المنتظرة منذ عقود.

يُذكر أن المادة المعتمة لا تمتص أو تعكس أو تصدر أي ضوء، ما يجعلها غير قابلة للرصد المباشر، لكن العلماء يثقون بوجودها بسبب تأثيرها الجاذبي على المادة المرئية في الكون. ووفقًا لنماذج الفيزياء الكونية، تُشكل هذه المادة نحو 27٪ من تركيبة الكون، بينما تمثل المادة العادية التي نعرفها حوالي 5٪ فقط، فيما تُكمل الطاقة المظلمة النسبة الباقية.

وفي تعليق على الدراسة، قال أحد المشاركين:

“النتيجة الجديدة التي توصلنا إليها، هي أن المادة المعتمة تقدم تفسيرًا قويًا لتوهج أشعة غاما، بنفس درجة قوة فرضية النجوم النيوترونية”.

وأضاف باحث آخر:

“لأن المادة المعتمة لا يمكن رؤيتها أو قياسها مباشرة، نلجأ إلى تحليل تأثيراتها غير المباشرة مثل هذه الظاهرة، وهو ما يقربنا من إثبات وجودها بعد عقود من الأبحاث”.

وقد رُصدت هذه الزيادة في أشعة غاما من منطقة تبعد نحو 26 ألف سنة ضوئية عن الأرض، ما يعادل قرابة 9.5 تريليون كيلومتر لكل سنة ضوئية.

الدراسة الجديدة، المنشورة في مجلة علمية مرموقة، لا تُعد إثباتًا قاطعًا لوجود المادة المعتمة، لكنها خطوة مهمة نحو هذا الهدف العلمي الكبير الذي لطالما حيّر الباحثين وفتح باباً لفهم أعمق للكون وأسراره الغامضة.

البحث