الذكاء الاصطناعي

في خطوة تُعدّ من بين الأوسع نطاقاً على مستوى الولايات المتحدة، تقود مدارس مقاطعة “ميامي ديد” – ثالث أكبر منطقة تعليمية في البلاد – تحولاً جذرياً نحو دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدية في العملية التعليمية.

تدريب واسع النطاق للمعلمين ونشر أدوات الذكاء الاصطناعي
على مدار عام، خضعت نخبة من المعلمين لتدريب مكثف على أدوات الذكاء الاصطناعي، حيث تم إعداد أكثر من 1000 معلم لاستخدام هذه التقنيات في الفصول الدراسية. واليوم، يحصل أكثر من 105 آلاف طالب في المرحلة الثانوية على إمكانية استخدام روبوتات دردشة مدعومة من غوغل، في خطوة تُعد الأكبر من نوعها في أي منطقة تعليمية أميركية حتى الآن.

من الحظر إلى التجربة… والتحكم بالضوابط
قبل عامين فقط، كانت هذه الأدوات محظورة في مدارس ميامي بسبب المخاوف من الغش والمعلومات المضللة. أما الآن، فتعتمد المنطقة على روبوتات دردشة قادرة على توليد محتوى تعليمي وإنشاء خطط دروس، بل وحتى تلخيص التقارير، مع وضع ضوابط دقيقة لتفادي الانحرافات أو التحيزات.

تنمية التفكير النقدي والوعي الأخلاقي
تقول إدارة المدارس إن الهدف لا يقتصر على الاستخدام التقني فحسب، بل يتعداه لتعليم الطلاب التفكير النقدي حول مخرجات الذكاء الاصطناعي، واستخدام هذه الأدوات بشكل مسؤول وأخلاقي. “الذكاء الاصطناعي سيؤثر في كل وظيفة تقريباً”، كما يؤكد روبرتو ألونسو، عضو مجلس إدارة التعليم في المقاطعة.

دعم رئاسي واتجاه وطني
يأتي هذا التوجه في ظل دفع سياسي واضح نحو دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم، إذ وقع الرئيس دونالد ترمب مؤخراً أمراً تنفيذياً يدعو لإدماج أساسيات الذكاء الاصطناعي في المناهج الدراسية، ابتداءً من رياض الأطفال وحتى الصف الثاني عشر.

منافسة شركات التكنولوجيا الكبرى
في هذا السباق، تتنافس شركات التكنولوجيا العملاقة مثل “غوغل”، “مايكروسوفت”، و”أوبن إيه آي” على حجز موطئ قدم في الفصول الدراسية الأميركية. فبينما تروّج هذه الشركات لرؤى مستقبلية حول روبوتات دردشة ذكية تفهم احتياجات كل طالب، يحذر الباحثون من مغبة الاعتماد الزائد عليها، لما قد تسببه من تآكل في مهارات التفكير النقدي.

“جيميناي” من غوغل… الخيار المفضل
بعد تقييم دقيق لنحو 12 أداة مختلفة، اختارت ميامي “جيميناي” من غوغل، نظراً لتوفيره ميزات خصوصية مناسبة للمراهقين. كما أطلقت المنطقة التعليمية “معهد الذكاء الاصطناعي” لتقديم دورات تدريبية افتراضية للمعلمين، تتناول كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في تخطيط الدروس وتحسين مهارات الكتابة والتفاعل الصفي.

اختبار ميداني داخل المدارس
وفي ربيع هذا العام، اختبرت بعض المدارس مثل “ساوث ويست ميامي الثانوية” الروبوتات فعلياً داخل الصفوف. فعلى سبيل المثال، استخدمت معلمة الدراسات الاجتماعية، تريسي لود، روبوت دردشة لتقمص دور رؤساء أميركيين أثناء مناقشة السياسات الحكومية، ما أضفى حيوية وتفاعلاً على الحصة.

مواجهة تحديات أخلاقية وتقنية
لم تكتف ميامي بالتجريب، بل وضعت النظام تحت اختبارات صارمة لتقييم ردود أفعاله على أسئلة متطرفة، بغرض كشف أي تحيّز أو محتوى غير لائق. وقد تمت مراجعة الأداء في مجالات الدقة، الخصوصية، والعدالة.

التعليم في طور التحول
يرى قادة التعليم في المقاطعة أن الذكاء الاصطناعي لن يحل محل المعلمين، بل سيعمل كأداة إضافية تُسهم في رفع جودة التعليم، بشرط أن تُستخدم ضمن إطار تربوي وأخلاقي محكم.

البحث