الرئيس جوزيف عون

في تصريحات هامة للرئيس اللبناني جوزيف عون، أكد أن لبنان لا يستطيع أن يتحمل الانتماء إلى أي محور سياسي أو عسكري، مشدداً على أن لبنان قوة بحد ذاته تكمن في تنوعه الثقافي والديني والتضامن بين شعبه ووحدته الوطنية. وأوضح عون في مقابلة مع صحيفة “لو فيغارو” الفرنسية أن لبنان ليس بحاجة إلى صراعات جديدة أو محاور خارجية، بل يحتاج إلى الإصلاحات التي تساعد على استعادة الثقة داخليًا ودوليًا، وضمان سيادة الدولة وحماية أمنها واستقرارها.

إصلاحات اقتصادية مع صندوق النقد الدولي

تطرق الرئيس عون إلى المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي، مؤكدًا أن هذه المفاوضات بدأت بالفعل، حيث تم زيارة بعثة من الصندوق إلى لبنان، وأعربت عن استعدادها لمساعدة الحكومة اللبنانية في وضع خطة للإصلاح الاقتصادي. وأوضح عون أن هذه الإصلاحات تشمل عدة جوانب رئيسية مثل مكافحة الفساد، رفع السرية المصرفية، وإعادة هيكلة النظام المصرفي في لبنان. وقال: “إن هذه الإصلاحات ليست فقط مطالبًا دوليًا، بل هي أيضًا مطالب لبنانية شعبية، حيث يقدر البنك الدولي احتياجات لبنان الاقتصادية بحوالي 11 مليار دولار، بينما تشير التقديرات الأخيرة إلى أن الأضرار الناتجة عن الحرب مع إسرائيل بلغت نحو 14 مليار دولار”.

حماية السيادة اللبنانية في ظل الضغوط الدولية

فيما يخص حماية سيادة لبنان، أشار عون إلى أن أولويته القصوى هي إعادة هيكلة النظام المالي والمصرفي، وهو أمر يتطلب إصلاحات مستمرة لضمان استعادة الثقة داخليًا ودوليًا. كما شدد على أن لبنان يحتاج إلى تعزيز قواته الأمنية، مشيرًا إلى أن الجيش اللبناني والقوى الأمنية هما الأداة الرئيسية في حماية الأمن الوطني، سواء في مواجهة الإرهاب أو تهريب المخدرات أو التصدي للاعتداءات الخارجية.

موقف لبنان من المحاور والتعاون الإقليمي

فيما يتعلق بمسألة “المحاور” التي يتم الحديث عنها، أكد عون على أن لبنان لا يمكنه أن يكون جزءًا من أي محور سياسي أو عسكري بسبب موقعه الجغرافي الحساس. وقال إن قوة لبنان تكمن في تنوعه الوطني والإقليمي، وأن الوحدة الوطنية هي الأهم بالنسبة للبنان. كما ذكر أنه قد أكد في خطاب تنصيبه على حياد لبنان، مشدداً أن هذا الحياد لا يعني التخلي عن تضامنه مع الدول العربية.

وفيما يخص التفاعلات المستقبلية مع إيران، أشار عون إلى أنه لا توجد خطط حالياً لاستئناف الرحلات الجوية بين لبنان وإيران، ولكن ربما قد تحدث في المستقبل.

تفكيك سلاح حزب الله وتحديات الأمن الداخلي

عند الحديث عن سلاح حزب الله، أكد عون أن الجيش اللبناني قد قام بتفكيك عدة معسكرات فلسطينية موالية لحزب الله وإيران في مناطق مثل بيروت والشمال قرب طرابلس وفي سهل البقاع. كما نفذ الجيش أكثر من 250 عملية مصادرة للأسلحة في جنوب نهر الليطاني، مشيرًا إلى أن بعض الأسلحة تم تدميرها بينما تم تحويل الأسلحة القابلة للاستخدام إلى الجيش اللبناني. وفي هذا السياق، أكد أن مجلس الوزراء اللبناني قرر تجنيد 4500 جندي إضافي لتعزيز الأمن في الجنوب.

ورغم ذلك، أشار عون إلى أن التحدي الأمني لا يقتصر فقط على الجنوب، بل يمتد إلى مشكلة السلاح الفلسطيني، التي يسعى لبنان لحلها بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية. وأضاف أن الهدف النهائي هو أن يكون للدولة اللبنانية وحدها الحق في امتلاك السلاح والسيطرة على جميع الأراضي اللبنانية.

التزام لبنان بقرارات الأمم المتحدة

في سياق حديثه عن الاستقرار الأمني في لبنان، أكد عون التزام لبنان الكامل بتطبيق قرار الأمم المتحدة رقم 1701، الذي ينص على وقف الأعمال العدائية بين حزب الله وإسرائيل. ومع ذلك، أشار إلى أن إسرائيل تواصل انتهاك هذا الاتفاق، وأن التجارب السابقة مع إسرائيل ليست مشجعة. ولذلك، فإن لبنان يستمر في العمل دبلوماسيًا مع فرنسا والولايات المتحدة والمجتمع الدولي لضمان انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان، بالإضافة إلى إطلاق سراح الأسرى اللبنانيين وترسيم الحدود البرية نهائيًا.

أزمة اللاجئين السوريين في لبنان

أما عن أزمة اللاجئين السوريين في لبنان، أكد عون أن لبنان يستضيف ما بين 1.5 إلى 2.5 مليون لاجئ سوري، وهو ما يشكل عبئًا كبيرًا على الاقتصاد والبنية التحتية اللبنانية. وأوضح عون أن لبنان يسعى إلى إيجاد حلول لهذه الأزمة مع الحكومة السورية، بمجرد تشكيلها بشكل يعكس تمثيل الشعب السوري. وأضاف أن الحلول تشمل ترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان وسوريا، فضلاً عن معالجة مشكلة اللاجئين السوريين بشكل شامل.

وفي الختام، شدد عون على أن استقرار سوريا سينعكس إيجابًا على استقرار لبنان، مؤكدًا أن لبنان يسعى لاستعادة دوره المحوري في المنطقة وحماية سيادته واستقلاله بعيدًا عن أي تدخلات خارجية.

البحث