صورة تعبيرية

كشفت نتائج دراسة حديثة عن وجود صلة وثيقة ومؤكدة بين الانتظام في تناول الأطعمة فائقة التصنيع وارتفاع نسب الوفيات المبكرة.

وتعزز هذه النتائج ما توصلت إليه دراسات سابقة من وجود ارتباط بين هذه المنتجات الغذائية وزيادة احتمالية الوفاة المبكرة والإصابة بمجموعة واسعة من الأمراض تصل إلى 32 مرضًا، من بينها أمراض القلب، وأنواع مختلفة من السرطان، وداء السكري من النوع الثاني، بالإضافة إلى مشكلات تتعلق بالصحة العقلية.

وأظهرت الدراسة أن الأطعمة فائقة المعالجة تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة تصل إلى 50%، كما ترفع احتمالية الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بنسبة تقدر بـ 12%، بالإضافة إلى تأثيرها السلبي على الصحة العقلية وزيادة الاضطرابات النفسية.

ويحذر الخبراء من أن الوجبات السريعة والأطعمة فائقة المعالجة تمثل خطرًا خفيًا يهدد صحة الإنسان على المدى البعيد، حيث تتسبب في تأثيرات تراكمية تبدأ في الظهور بعد دقائق قليلة من تناولها وتستمر لسنوات طويلة.

تأثير تناول الأطعمة فائقة المعالجة بانتظام على الجسم والصحة العقلية:

في اللحظات الأولى التي تلي تناول هذه الأطعمة، يشعر الشخص بنشاط مصطنع نتيجة للكميات العالية من السكر والملح والكافيين التي تحفز إفراز هرمون الدوبامين في الدماغ، مما يخلق شعورًا مؤقتًا بالرضا والسعادة. إلا أن هذه “المكافأة” السريعة سرعان ما يتبعها انخفاض مفاجئ في مستوى الطاقة والشعور بالإرهاق والتعب.

ومع تكرار استهلاك هذه الأطعمة بشكل يومي، تبدأ المشكلات الصحية الحقيقية في الظهور تدريجيًا. فبالإضافة إلى اضطرابات مستويات السكر في الدم التي تؤدي إلى الشعور بالجوع المتكرر، تظهر تأثيرات سلبية على الجهاز الهضمي نتيجة لاختلال التوازن في البكتيريا النافعة الموجودة في الأمعاء. كما أن المحتوى العالي من الصوديوم يتسبب في احتباس السوائل في الجسم وارتفاع ضغط الدم، بينما تؤدي الدهون غير الصحية إلى زيادة مستويات الالتهابات في مختلف أنحاء الجسم.

وعندما يصبح تناول هذه الأطعمة عادة يومية تستمر لعدة أسابيع، تتسع دائرة المخاطر الصحية لتشمل: اضطرابات في النوم وتدهور جودته بسبب نقص العناصر الغذائية الأساسية التي تدعم إنتاج هرمونات النوم مثل الميلاتونين، وإجهاد واضح في عمل البنكرياس نتيجة لمحاولاته المستمرة لضبط مستويات السكر المرتفعة في الدم، بالإضافة إلى مشاكل هضمية متكررة مثل الانتفاخ وعسر الهضم نتيجة لاختلال توازن البكتيريا النافعة في الأمعاء.

وبعد مرور عدة أشهر من الاستهلاك المستمر لهذه الأطعمة، تبدأ تأثيرات أكثر خطورة في الظهور، مثل الزيادة الملحوظة في الوزن نتيجة لاحتواء هذه الأطعمة على سعرات حرارية عالية مع قيمة غذائية قليلة، وظهور أعراض القلق والاكتئاب نتيجة للتأثير السلبي على محور الأمعاء-الدماغ، وتفاقم آلام المفاصل بسبب زيادة الالتهابات الناتجة عن الدهون غير الصحية والإضافات الكيميائية، واستمرار ارتفاع ضغط الدم بسبب المحتوى العالي من الصوديوم، والشعور الدائم بالتعب والإرهاق نتيجة لنقص العناصر الغذائية الأساسية.

وفي مواجهة هذا الواقع، يقدم الخبراء مجموعة من النصائح العملية للحد من هذه المخاطر دون الحاجة إلى الحرمان الكامل. وتتمثل النصيحة الأولى في زيادة الوعي بالمكونات التي يتم تناولها، حيث أن قراءة الملصقات الغذائية بعناية وتجنب المنتجات التي تحتوي على قوائم طويلة من الإضافات الكيميائية يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا. كما أن استبدال الوجبات الخفيفة المصنعة ببدائل طبيعية مثل الفواكه الطازجة والمكسرات يساعد في إعادة التوازن إلى النظام الغذائي. ومن المهم أيضًا إدراك أن ليس كل ما هو معلب أو مجمد ضار، فبعض عمليات المعالجة مثل التخمير أو التجميد قد تحافظ على القيمة الغذائية أو حتى تزيدها. ولذلك، يكمن مفتاح الغذاء الصحي في الاختيار الواعي والاعتدال.

وفي الختام، يؤكد الخبراء على أن تحقيق التوازن بين متطلبات الحياة العصرية والحفاظ على الصحة يمثل تحديًا يوميًا، مشيرين إلى أنه بدلًا من النظر إلى الأمر على أنه حرمان، يمكن اعتباره فرصة لإعادة اكتشاف متعة الأطعمة الطازجة وتأثيرها الإيجابي على الطاقة والمزاج.

البحث