طفل في سن السابعة

أظهرت دراسة حديثة نشرت في آذار 2025 في مجلة “علم النفس التجريبي للأطفال” عن احتمالية أن يبدأ إدراك صورة الجسد وتكوين انطباع عنها في مرحلة عمرية مبكرة جداً، حتى قبل بلوغ الطفل مرحلة المراهقة، وتحديداً في سن السابعة.

تصورات الطفولة

وبيّنت الدراسة التي أجراها باحثون من جامعة درهام في المملكة المتحدة أن صورة الجسد تتأثر بشكل رئيسي بالتعرض البصري لأوزان أجسام المحيطين بالطفل، سواء كانوا أقرانه أو البالغين، وذلك وفقاً للتصورات المبدئية للمجتمع حول النموذج المثالي للجسد. وينطبق ذلك على تصنيفات الأوزان المختلفة، بدءاً من الشكل الجيد إلى المقبول، وصولاً إلى الشكل غير المقبول.

ولفت الباحثون إلى أن صورة الجسد تتمتع بمرونة كبيرة، حيث تتأثر بالعوامل الاجتماعية والبيئية المحيطة، مما يعني أن ما يُعتبر غير مقبول في مجتمع معين قد يُعتبر مثالياً في مجتمع آخر.

وتعدّ هذه الدراسة الأولى من نوعها التي تختبر مرونة تصورات الأطفال حول وزن الجسم، في حين أن معظم الدراسات السابقة كانت تركز على البالغين فقط.

أُجريت الدراسة على أكثر من 200 شخص في إنجلترا، مع تنوع عرقي كبير حيث كانت الغالبية من ذوي البشرة البيضاء (80%)، بينما كانت النسبة المتبقية تضم ذوي البشرة السمراء، واللاتينيين، والآسيويين. تراوحت أعمار المشاركين بين 7 سنوات وسن البلوغ. وأظهرت الدراسة أن وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي تؤثر على الأطفال بنفس القدر الذي تؤثر به على البالغين، بداية من الطفولة المبكرة وحتى مرحلة المراهقة.

عرض الصور والتقييمات

عرض الباحثون مجموعة من الصور الملونة لأجسام أنثوية ذات مؤشر كتلة جسم (BMI) محدد، تم تصويرها بوضع موحد وملابس رمادية اللون، مع وجوه مغطاة. تتدرج هذه الصور من الأجسام النحيفة إلى الأجسام الأثقل، ثم طلبوا من المشاركين تقييم كل صورة على مقياس من 1 إلى 7، حيث يشير الرقم 1 إلى نقص الوزن الشديد و7 إلى زيادة الوزن الشديدة.

وتبين أن حجم الصورة كان له تأثير في التقييم؛ فقد اعتُبرت الصور الكبيرة أكثر وزناً مقارنة بالصور الصغيرة. كما وجد الباحثون أن التقييم يتأثر أيضاً بتتابع الصور، فمثلاً عند عرض عدة صور لأشخاص ذو وزن معين، تغير التقييم عندما تم عرض صورة أخرى لأشخاص بوزن مختلف.

انطباعات وسائل الإعلام

شدّد الباحثون على أن وسائل الإعلام تركز على تمثيل نوع ضيق من الأجسام المثالية، مما يساهم في ترسيخ هذه التصورات في الأذهان منذ سن مبكرة. وعلى عكس الاعتقاد السائد بأن هذا التأثير يبدأ في فترة المراهقة، أظهرت الدراسة أن التعرض لهذا النوع من التكرار البصري يبدأ في مرحلة الطفولة، مما يؤدي إلى تغيير تصور الأطفال حول ما يُعتبر نحيفاً أو سميناً.

كما كشفت الدراسات السابقة أن المجتمعات التي تتوفر فيها وسائل الإعلام، مثل التلفاز، تمتلك تصورات مغايرة لصورة الجسد مقارنة بالمجتمعات النائية التي لا تتوفر فيها هذه الوسائل. وأظهرت النتائج أن النساء ذوات البشرة البيضاء في المجتمعات الغربية يواجهن ضغوطاً نفسية أكبر بسبب صورة الجسد مقارنة بالنساء ذوات البشرة السمراء أو الآسيويات في جميع الفئات العمرية.

التوصيات

وفي الختام، أوصت الدراسة الآباء بضرورة مراقبة المواد الإعلامية التي يتعرض لها الأطفال، حيث يمكن أن تزرع تصورات خاطئة تؤثر سلباً على صحتهم الجسدية والنفسية.

البحث