متداولون في بورصة نيويورك

يقترب شهر ديسمبر (كانون الأول) محمّلاً بحدثين اقتصاديين بارزين يُتوقع أن تكون تداعياتهما ثقيلة على أسواق الذهب والأسهم حول العالم، مع تحذيرات من موجة هبوط قصيرة المدى قبل أن تستعيد السياسات النقدية مسارها التوسعي لاحقاً.

انقسام الفيدرالي… و”ديسمبر الأسود”
تشير التوقعات الدولية إلى أن البنك المركزي الأمريكي يتجه إلى التراجع عن مسار خفض الفائدة خلال اجتماعه المرتقب في 9 و10 ديسمبر، وسط انقسام ملحوظ داخل مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

وجاء التصعيد بعد تصريحات عضوة لجنة السياسة النقدية ورئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في بوسطن، سوزان كولينز، التي قالت إنها لا ترى حاجة ملحّة لخفض إضافي الشهر المقبل، معتبرة أن الخفضين السابقين منذ أغسطس منحا السياسة النقدية ميلاً كافياً نحو دعم مكافحة التضخم.

ورأت كولينز أن الظروف المالية الحالية تشكل “رياحاً مواتية” للاقتصاد الأميركي، ما لا يدعم الإسراع في تيسير إضافي، مؤكدة أنها لم تحسم موقفها للتصويت وقد تخالف القرار إذا لم يتوافق مع تقييمها للوضع.

في المقابل، يعارض جناح متشدد داخل الفيدرالي بقيادة رؤساء بنوك إقليمية مثل جيف شميد (كانساس سيتي) وألبيرتو موساليم (سانت لويس) أي خفض جديد، مع بقاء التضخم عند 3% للعام الخامس فوق الهدف البالغ 2%.

كما كشف محضر الاجتماع الأخير في 29 أكتوبر أن بعض المؤيدين للخفض الأخير كانوا مستعدين للإبقاء على الفائدة دون تغيير، ما يوضح عمق الانقسام بشأن قرار ديسمبر.

ويواجه الفيدرالي تحدياً إضافياً جراء نقص البيانات الاقتصادية نتيجة تأخر نشرها عقب الإغلاق الحكومي، ما يزيد الضبابية حول القرار المرتقب.

وتشير التوقعات إلى أن تثبيت الفائدة سيضغط مباشرة على أسعار الذهب، الذي ينتعش عادة مع خفض الفائدة وانخفاض العوائد الأميركية.

رفع الفائدة اليابانية… و”شبح انهيار البورصات”
أما الحدث الثاني المؤثر في الأسواق، فهو اجتماع بنك اليابان المركزي يومي 18 و19 ديسمبر، إذ توقّع استطلاع لرويترز رفع الفائدة إلى 0.75%.

وأعلنت عضو مجلس إدارة البنك، جونكو كوييدا، دعمها لمزيد من الرفع بهدف إعادة السياسة النقدية إلى التوازن، محذّرة من أن بقاء الفائدة الحقيقية منخفضة قد يخلق “تشوّهات غير مقصودة” مستقبلاً.

وأكدت أن قوة الاقتصاد الياباني وارتفاع أرباح الشركات واستمرار الضغوط السعرية جميعها تعزز التوجه نحو زيادات إضافية في الفائدة.

ورفع الفائدة اليابانية يحمل تداعيات خطيرة على الأسهم الأميركية، إذ يعتمد المستثمرون منذ عقود على الاقتراض بفائدة شبه صفرية من اليابان (الـCarry Trade) لضخ الأموال في السندات والأسهم الأميركية.
ومع ارتفاع الفائدة، يضطر هؤلاء إلى بيع الأصول الأميركية سريعاً لسداد القروض قبل ارتفاع كلفتها، وهو ما حدث فعلاً في أبريل الماضي عندما رفع بنك اليابان الفائدة للمرة الأولى منذ عقود.

ويعيد هذا السيناريو الذاكرة إلى “الاثنين الأسود” في أكتوبر 1987 حين هوت الأسهم الأميركية 13% في يوم واحد مع اضطرابات مشابهة في الأسواق العالمية.

ترقّب ثقيل لشهر محفوف بالمخاطر
يُجمع الخبراء على أن ديسمبر سيكون شهراً حاسماً للأسواق، إذ قد تتعرض الأسهم والذهب لضغوط حادة قبل أن يتضح المسار الفعلي للسياسة النقدية العالمية مع مطلع 2026.

البحث