كشفت دراسة يابانية حديثة عن وجود ارتباط محتمل بين تلقي لقاحات كوفيد-19 ومتلازمة «تافرو» (TAFRO)، وهي اضطراب مناعي نادر للغاية ومهدد للحياة، دون الجزم بوجود علاقة سببية مباشرة.
وبحسب الدراسة التي أعدها فريق طبي من مستشفى جامعة ناغازاكي، لوحظ أن عددًا محدودًا من المرضى الذين تلقوا لقاح كوفيد-19 مؤخرًا أظهروا احتمالية أعلى للإصابة بهذه المتلازمة النادرة، مقارنة بالفترات السابقة للجائحة.
ومتلازمة تافرو هي اضطراب مناعي جهازي حاد، يتميز بعاصفة التهابية عنيفة تصيب الجسم، وتترافق مع حمى شديدة ومستمرة، وتورم واسع في الأنسجة، وانخفاض حاد في الصفائح الدموية، إضافة إلى فشل كلوي سريع وتضخم في أعضاء داخلية مثل الطحال والعقد الليمفاوية. ونظرًا لندرتها الشديدة، لا يتم تسجيل سوى بضع مئات من الحالات سنويًا حول العالم.
الدافع وراء نشر هذه النتائج، بحسب الباحثين بقيادة الدكتور ماساتاكا أوميدا والدكتور أتسوشي كاواكامي من وزارة الصحة اليابانية، كان نمطًا لافتًا ظهر عند مراجعة سجلات طبية تمتد لعشر سنوات. فخلال السنوات الست التي سبقت جائحة كوفيد-19، سُجلت حالتان فقط من الشكل الشديد للمتلازمة، بينما تم تشخيص 11 حالة بين أبريل 2020 وأكتوبر 2024، أي خلال فترة الجائحة وما تلاها من حملات تطعيم واسعة.
ومن بين 13 حالة جرى توثيقها إجمالًا، ظهرت أعراض المتلازمة الشديدة لدى أربعة مرضى خلال شهر واحد من تلقيهم لقاحًا مضادًا لكوفيد-19. وقد استدعت حالتهم الصحية نقلهم جميعًا إلى وحدات العناية المركزة، في حين احتاج اثنان فقط من بين المرضى التسعة الآخرين، غير المطعمين، إلى هذا المستوى من الرعاية.
ورغم هذه المؤشرات، شدد الباحثون على ضرورة توخي الحذر في تفسير النتائج، مؤكدين أن الدراسة لا تثبت وجود علاقة سببية مباشرة بين اللقاح والمتلازمة، بل ترصد ارتباطًا إحصائيًا ضمن عينة محدودة. وأوضحوا أن الهدف هو طرح فرضية علمية تستدعي المزيد من البحث، مفادها أن تنشيط الجهاز المناعي، سواء بسبب العدوى بفيروس كوفيد-19 أو نتيجة التحفيز المناعي الذي يوفره اللقاح، قد يؤدي لدى فئة صغيرة جدًا من الأشخاص ذوي الاستعداد المناعي أو الوراثي غير المعروف إلى استجابة مناعية مفرطة.
وتتمثل هذه الاستجابة في ما يُعرف بـ«عاصفة السيتوكينات»، حيث تُفرز كميات هائلة من الجزيئات الالتهابية، ما قد يتسبب في أضرار جسيمة للأوعية الدموية والأعضاء السليمة.
ويتقاطع هذا الطرح مع آراء بعض الباحثين المستقلين، ومنهم الدكتورة جيسيكا روز، التي تشير إلى أن تقنيات لقاحات الحمض النووي الريبوزي المرسال، والتي تحفّز الخلايا على إنتاج بروتين «سبايك» الفيروسي، قد تؤدي في حالات نادرة جدًا إلى تفاعلات معقدة تتجاوز تكوين الأجسام المضادة، لتطال أنظمة حيوية مثل التخثر والأنسجة الضامة.
في المقابل، يؤكد خبراء الصحة العامة أن ميزان الفوائد والمخاطر لا يزال يميل بشكل واضح لصالح التطعيم، مشددين على أن خطر الوفاة أو الإصابة بمضاعفات خطيرة وطويلة الأمد بسبب كوفيد-19 يفوق بأضعاف احتمال حدوث مضاعفات نادرة جدًا مثل متلازمة تافرو، حتى في ضوء هذه النتائج الأولية.