أغلقت السلطات السورية المتحف الوطني في دمشق أمام الموظفين والزوار، بعد اكتشاف عملية سرقة طالت القسم الكلاسيكي منه، في حادثة وُصفت بأنها من أخطر السرقات التي تطال مؤسسة ثقافية في البلاد منذ عقود.
وقال مصدر مسؤول في مديرية الآثار السورية، الثلاثاء، إن “لصوصاً سرقوا تماثيل أثرية تعود إلى العصر الروماني من المتحف الوطني”، وفق ما نقلته وكالة «أسوشيتد برس»، مضيفاً أن المديرية العامة للآثار والمتاحف ستصدر بياناً رسمياً لاحقاً لتوضيح تفاصيل الحادثة.
وأكد مسؤول آخر في المديرية، للوكالة نفسها، أن ستة تماثيل رخامية سُرقت من قاعة الآثار الكلاسيكية، مشيراً إلى أن السرقة وقعت ليلة الأحد واكتُشفت صباح الاثنين، حين عُثر على أحد الأبواب مكسوراً، واختفت عدة قطع أثرية ثمينة.
وفي تطور لاحق، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر مقرّب من إدارة المتحف ومصدر أمني أن “مجرمين اقتحموا المتحف الوطني وسرقوا سبائك ذهبية قديمة”، من دون أن يُحدَّد عددها أو قيمتها، تزامناً مع تأكيد مصادر محلية أن السلطات أغلقت المتحف فوراً ومنعت خروج الموظفين حتى ساعات المساء، وبدأت مراجعة كاميرات المراقبة واستجواب عناصر الحراسة.
وأشارت مصادر في دمشق لـ«الشرق الأوسط» إلى أن السرقة طالت خزانة عرض رئيسية جرى خلعها وكسر أقفالها، فيما أُوقف عدد من الحراس للتحقيق.
ويُعد المتحف الوطني في دمشق، الذي تأسس عام 1919 في مبنى المدرسة العادلية التاريخية ونُقل إلى مقره الحالي عام 1936 قرب جامعة دمشق والتكية السليمانية، من أعرق المتاحف في الشرق الأوسط، ويضم آلاف القطع الأثرية التي تغطي مختلف الحقب التاريخية السورية من عصور ما قبل التاريخ حتى العصر الإسلامي.
وكان المتحف قد أُعيد افتتاحه في يناير (كانون الثاني) 2025 بعد إغلاق طويل خلال الحرب، ليعود مركزاً ثقافياً وعلمياً يقصده الزوار والباحثون، واحتضن في الأشهر الماضية عدداً من المعارض الفنية والتوثيقية، بينها «ذاكرة وانتماء» و«متحف السجون» و«صدى الصدأ».
وتعيد الحادثة إلى الأذهان محاولة سرقة سابقة تعرّض لها المتحف في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ليلة سقوط النظام السابق، حين تمكّن حارسان من إحباط اقتحام مماثل، ما دفع وزارة الثقافة حينها إلى تكريمهما في احتفال رسمي أقيم في مايو (أيار) الماضي.
ويرى مراقبون أن سرقة المتحف الوطني، الذي يضم آثاراً لا تُقدّر بثمن، تشكل ضربة موجعة للذاكرة السورية ومحاولة جديدة لنهب ما تبقى من إرث البلاد الثقافي بعد عقود من الحروب والدمار.
سرقة تماثيل وسبائك ذهبية من المتحف الوطني بدمشق… والسلطات تُغلقه وتفتح تحقيقاً موسعاً