في مشهد يعيد إلى الأذهان أسوأ فصول التصعيد بين إيران والولايات المتحدة، كشف سلاح الجو الأميركي، يوم الخميس، عن تفاصيل غير مسبوقة للهجوم الصاروخي الإيراني الذي استهدف قاعدة العديد الجوية في قطر، أكبر منشأة عسكرية أميركية في الشرق الأوسط.
هجوم انتقامي بعد “عملية مطرقة منتصف الليل”
وقع الهجوم فجر الإثنين، أي بعد 72 ساعة فقط من الضربة الجوية الأميركية الأشد على المنشآت النووية الإيرانية، والتي أُطلق عليها اسم “عملية مطرقة منتصف الليل”. وكانت طائرات الشبح الأميركية B-2 قد ألقت خلالها 14 قنبلة خارقة للتحصينات على موقعي فوردو ونطنز النوويين.
وفي إفادة صحفية نقلتها وسائل إعلام أميركية، من بينها The War Zone، قال الجنرال دان كاين، رئيس هيئة الأركان المشتركة، إن القوات الأميركية كانت على دراية مسبقة بالتهديد الإيراني. وأضاف:
“تلقينا تحذيرات استخباراتية بوجود نية إيرانية لشن هجوم صباح الاثنين، وعلى الفور وجّهنا بتطبيق وضعية الحد الأدنى من التواجد العسكري حفاظاً على الأرواح”.
بناءً على أوامر مباشرة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وبالتنسيق مع قائد القيادة المركزية الجنرال مايكل “إريك” كوريلا، تم إجلاء معظم الجنود والطائرات من القاعدة، ولم يتبق سوى 44 جندياً موزعين على بطاريتي دفاع جوي من طراز “باتريوت” لحماية المنشأة.
تصدي غير مسبوق للهجوم
رغم قلة عدد القوات، تمكن الجنود الأميركيون من صد الهجوم الإيراني بكفاءة عالية. وأوضح كاين أن ما حدث مثّل:
“أكبر عملية إطلاق متزامن لصواريخ باتريوت الدفاعية في تاريخ الجيش الأميركي خلال حدث واحد”.
“قرار تحت النار” في قلب القاعدة
روى الجنرال كاين لحظات المواجهة المصيرية داخل القاعدة قائلاً:
“تخيل نفسك ضابطاً شاباً في الخامسة والعشرين من العمر، تجلس في غرفة القيادة، وبجانبك مجندة مسؤولة عن نظام الإنذار المبكر، تنتظران سقوط الصواريخ الإيرانية، بينما يتوزع عشرة جنود فقط بين العربات ومواقع الدفاع”.
وأضاف:
“أكبرهم سناً كان قائداً عمره 28 عاماً، وأصغرهم جندي عمره 21 عاماً، لم يكمل عامين في الخدمة. هؤلاء هم من واجهوا الهجوم الإيراني، وهؤلاء هم من أنقذوا القاعدة من كارثة محققة”.
رسالة واضحة من طهران وواشنطن
الهجوم الإيراني على قاعدة العديد جاء بمثابة رسالة انتقامية واضحة بعد استهداف مواقعها النووية، في حين ردت الولايات المتحدة بعرض دقة استجابتها الدفاعية وتفوقها الاستخباراتي، مع الحفاظ على الحد الأدنى من الخسائر.
ويشير توقيت وتصعيد هذا الهجوم إلى أن التوتر بين الجانبين لا يزال بعيداً عن الانفراج، رغم دعوات دولية متكررة للتهدئة وتفادي الانزلاق نحو صراع مفتوح.