أطلقَت هيئة الأمم المتحدة للمرأة في لبنان برعاية رئيس مجلس الوزراء نواف سلام ومكتب المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان دراسة محورية بعنوان: “المرأة اللبنانية: من المشاركة السياسية إلى القيادة الحزبيّة” في فندق “فينيسيا “.
والقت الوزيرة السيد كلمة الرئيس سلام وجاء فيها:”اسمحوا لي في البداية أن أنقل إليكم تحيات دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام، الذي كان يتمنّى أن يكون بيننا اليوم، غير أن ارتباطات طارئة حالت دون حضوره. وقد كلّفني أن أمثّله في هذا اللقاء، وأن أقدّم كلمته بالنيابة عنه. والكلمات التي سأتلوها الآن هي كلماته الشخصية، تعبّر عن رؤيته والتزامه تجاه هذا الموضوع الهام. يقول دولته:” إن إيماني العميق بأهمية مشاركة النساء في الحياة السياسية ليس وليد اليوم، بل هو امتداد لمسار طويل من الالتزام والعمل. هذا الموضوع، العزيز على قلبي، لطالما كان محور كتاباتي ونشاطي في مؤسسات ومنابر متعددة. لقد شكلت تجربتي في “الهيئة الوطنية لقانون الانتخابات” محطة أساسية، حيث كنّا سبّاقين في إقرار المادة 64 التي نصّت على وجوب أن تضم كل لائحة انتخابية في الدوائر الخاضعة للنظام النسبي ما لا يقل عن 30% من النساء. هذه الخطوة لم تكن مجرد بند قانوني، بل كانت تعبيراً واضحاً عن إرادة سياسية في تكريس المساواة وتعزيز حضور النساء في مواقع القرار. كما شدّد البيان الوزاري للحكومة الحالية على التزام الدولة ببناء مجتمع حريص على مقاربة قضايا النساء من منظور الحقوق والمواطنة الكاملة، بما يستدعي مراجعة القوانين التمييزية وإقرار سياسات تشريعية وتنفيذية تضمن المساواة الفعلية. فتمكين النساء لا يقتصر على رفع العوائق الشكلية، بل هو مسار لتغيير الثقافة السياسية وضمان مشاركة فعلية في جميع مجالات الحياة العامة والخاصة”.
اضاف:” لكن الحقيقة المؤلمة تبقى أن التمثيل السياسي للمرأة اللبنانية لا يزال ضعيفاً ولا يعكس لا وزنها الديموغرافي ولا دورها الاجتماعي في الأحزاب السياسية، في الإعلام، وفي مؤسسات الدولة، حضور النساء لا يزال محدوداً أمام قدرة وإمكانات هائلة. لذلك، فإن إصلاح القانون الانتخابي يشكّل مدخلاً محورياً لإعادة التوازن وتصحيح الخلل التاريخي في بنية المشاركة السياسية. وأمام النقاشات التي ترافق اليوم ملف الإصلاح الانتخابي، أجد لزاماً عليّ أن أؤكد ثوابت الحكومة وثوابتي الشخصية في هذا الإطار:
. الالتزام الجازم بإجراء الانتخابات في موعدها المحدد، دون أي تأجيل أو تعطيل
. ضمان حق جميع اللبنانيين، المقيمين وغير المقيمين، في الاقتراع العادل والشفاف ضمن دوائرهم
. تأمين ظروف انتخابية آمنة وشفافة تتيح للبنانيين المشاركة بحرية، ولا سيما لأهلنا في الجنوب، حيث لا يمكن أن يُعاقَب من فقدوا منازلهم وقراهم بحرمانهم من حق الاقتراع
. تكريس مبدأ الكوتا بنسبة لا تقل عن 30% لكلا الجنسين في اللوائح، ضماناً لتمثيل أكثر عدلاً لجميع مكونات المجتمع
. تشجيع النساء ودعمهن للانخراط في العملية الانتخابية بجميع مستوياتها: إشرافاً، وتنظيماً، وانتخاباً، وترشيحاً”.
واكد ان “تعزيز مشاركة النساء في الحياة السياسية ليس مطلباً حقوقياً فحسب، بل هو شرط لبناء ديموقراطية متوازنة تمنح وطننا صورة أكثر عدلاً وتمثيلاً لتنوعه الاجتماعي والثقافي. إن نجاح أي عملية إصلاحية سياسية يبقى ناقصاً ما لم تكن النساء شريكات كاملات في صياغة المستقبل ولا يسعني في هذا السياق إلا أن أتوجّه بجزيل الشكر إلى هيئة الأمم المتحدة للمرأة (UN Women) على جهودها الرائدة في الدفاع عن حقوق النساء والفتيات حول العالم، وفي لبنان على وجه الخصوص. إن برامجهم الداعمة للتمكين السياسي والاقتصادي، وتعزيز المساواة في الفرص، وحماية النساء من جميع أشكال العنف والتمييز، تشكّل رافعة أساسية لمسارنا الإصلاحي.”
ختم: ” أعدكم، من موقعي في مسؤولياتي الوطنية، أن أكون إلى جانبكم، شريكاً فاعلاً وداعماً لمبادراتكم ومساعيكم، في سبيل ترجمة أجندتكم النبيلة إلى سياسات وممارسات ملموسة تُعزز المساواة وتُكرّس مشاركة النساء في صنع مستقبل أكثر عدلاً وإنصافاً للجميع”.
المسيري
وقالت المسيري :”هذه الدراسة مرآة وخريطة طريق في آن. ذلك انها تعكس واقع النساء ضمن الأحزاب السياسية اللبنانية، وتطرح خطوات عملية للمضي قدماً. إنّ تعزيز المشاركة السياسية للنساء ليس مسألة عدالة فحسب، بل هو يعدّ أيضاً تجديداً للحياة السياسية وتعزيزاً للديمقراطية في لبنان. وتدعو الدراسة الأحزاب السياسية والمؤسسات والشركاء الدوليين إلى إجراء إصلاحات ملموسة، منها: اعتماد تدابير خاصة مؤقتة مثل الكوتا؛ إرساء آليات ترشيح شفافة وقابلة للتنفيذ، وضع وتطبيق سياسات صارمة لمعالجة العنف والتحرش ضد النساء في السياسة؛ ضمان وصول عادل للنساء إلى التمويل الانتخابي ووسائل الإعلام”.