سجن صيدنا سيء السمعة

رغم مرور ثلاثة أشهر على إسقاط حكم بشار الأسد وعائلته، الذي استمر لأكثر من 50 عامًا في سوريا، لا تزال المآسي مستمرة، ليبقى ملف المعتقلين والمخفيين قسرًا جرحًا غائرًا في قلوب السوريين.

عائلات الضحايا ظلت صامتة حيال الجثث التي ألقتها قوات الأسد في أقبية لا تحصى، بينما تواصل فرق الإنقاذ عملها بحثًا عن الرفات، متنقلة من منزل إلى آخر لاستخراج بقايا الضحايا.

ومع فتح العديد من الأقبية التي كانت بمثابة مقابر سرية، شهد حي سبينة في دمشق الأسبوع الماضي حريقًا أتى على العظام المتبقية، مما جعل مهمة عمال الدفاع المدني في إحصاء الجثث صعبة للغاية، وفقًا لما نقلته صحيفة واشنطن بوست.

حاول رجال الإنقاذ تقدير عدد الجثث داخل الأقبية، لكنهم سرعان ما وجدوا أنفسهم أمام لغز محير، إذ بدت إحدى الجماجم صغيرة الحجم، وظهرت أغلفة رصاص متناثرة وسط الرماد. ومع غياب المعلومات من السكان المحليين، لم يكن واضحًا إن كانت هذه عائلة قُتلت معًا أم مجرد مجموعة من الضحايا.

من جهتها، أفادت منظمة الخوذ البيضاء بأنها تمكنت حتى الآن من استخراج نحو 50 جثة من ثلاثة أقبية فقط، في حين لا يزال هناك سبعة مواقع أخرى في المنطقة لم تُفتش بعد. كما ذكرت أن بقايا بشرية عُثر عليها في أنابيب الصرف الصحي والآبار في مناطق أخرى من سوريا.

وصرّح عمار السلمو، قائد فرق الإنقاذ التابعة للخوذ البيضاء في محيط سبينة، قائلًا:
“لقد تُركت هذه الجثث ليتم التخلص منها كما لو كانت نفايات. هكذا كان النظام يتعامل مع البشر.”

وأكد التقرير أن التحديات في تحديد هوية الضحايا ستكون هائلة، خاصة أن سوريا ليست مهيأة لمثل هذه المهمة. ومع استمرار الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد، وبعد 14 عامًا من الحرب، لا تملك الحكومة سوى إمكانات محدودة لاستخراج الجثث وتصنيفها على هذا النطاق الواسع.

بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، يُقدر عدد المفقودين في سجون النظام بنحو 100 ألف شخص، غير أن عمليات القتل خارج السجون قد ترفع هذا الرقم بشكل كبير.

من ناحية أخرى، أشار خبراء الطب الشرعي إلى أن عملية فحص الحمض النووي والتعرف على الجثث المدفونة في المقابر الجماعية قد تستغرق سنوات قبل أن تبدأ فعليًا.

تجدر الإشارة إلى أن منظمة الخوذ البيضاء كانت تعمل سابقًا في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، حيث لعبت دورًا أساسيًا في عمليات الإنقاذ والإغاثة خلال الحرب.

البحث