توسّع التنافس بين عمالقة الذكاء الاصطناعي الأميركيين ليصل إلى الساحة السياسية في واشنطن، حيث تواجه شركة “أنثروبيك” أزمة مع إدارة الرئيس دونالد ترامب، بعد اتهامات بتبنّي توجهات “احتكارية وتنظيمية يسارية”، وفق تصريحات مستشاره ديفيد ساكس، المسؤول عن ملف الذكاء الاصطناعي والعملات الرقمية في الإدارة.
الجدل بدأ بعد مقال نشره جاك كلارك، الشريك المؤسس ورئيس قسم السياسات في “أنثروبيك”، بعنوان “التفاؤل التكنولوجي والخوف المشروع”، دعا فيه إلى تنظيم أكثر صرامة لتطورات الذكاء الاصطناعي، محذراً من أن النماذج المستقبلية قد “تصمم خلفاءها بنفسها”. ساكس ردّ باتهام الشركة بأنها “تسعى لاحتكار التشريع عبر إثارة الخوف”، مؤكداً أن “الولايات المتحدة في سباق مع الصين ولا تملك ترف التقييد”.
تأتي المواجهة في وقت تحافظ فيه “OpenAI”، المدعومة من “مايكروسوفت” و”إنفيديا”، على علاقات وثيقة مع البيت الأبيض من خلال مشروع “ستارغيت” لتطوير بنية تحتية وطنية للذكاء الاصطناعي. أما “أنثروبيك”، التي أسسها الشقيقان داريو ودانييلا أمودي بعد انشقاقهما عن “OpenAI” عام 2020، فتتبنى نهجاً مختلفاً، إذ تدعم قوانين محلية مثل قانون SB 53 في كاليفورنيا، الذي يفرض شفافية على الشركات العاملة في الذكاء الاصطناعي، ما يُعتبر تحدياً للسياسات الفيدرالية.
ورغم التوتر مع إدارة ترامب، تحتفظ “أنثروبيك” بعقود حكومية ضخمة، أبرزها اتفاق مع وزارة الدفاع بقيمة 200 مليون دولار، إضافة إلى تعاونها مع وكالات فيدرالية عبر منصة GSA App Store.
تُقدّر قيمة “OpenAI” السوقية بنحو 500 مليار دولار مقابل 183 مليار دولار لـ”أنثروبيك”، وتتنافس الشركتان بين الذكاء الاصطناعي الاستهلاكي الذي تمثله “شات جي بي تي” وتطبيق “سورا”، والذكاء المؤسسي عبر سلسلة نماذج “كلود” التي تعتمدها المؤسسات الرسمية والخاصة.
ويرى محللون أن هذا الصراع يعكس تحوّل الذكاء الاصطناعي من مجال تكنولوجي بحت إلى ميدان سياسي واقتصادي مفتوح، حيث لم تعد المنافسة على بناء النماذج الأقوى فقط، بل على من يضع قواعد اللعبة المستقبلية.