في آيسلندا، حيث يلتقي الجليد بالنار وتتصافح البراكين مع الأنهار الجليدية، يتم استخراج طاقة هائلة من أعماق الأرض، تفوق في قوتها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح مجتمعتين. هذه الطاقة الحرارية الجوفية أصبحت أساسًا لاقتصاد البلاد، حيث توفر 25% من كهرباء آيسلندا وتغطي 90% من احتياجاتها من التدفئة.
منذ السبعينيات، بدأت آيسلندا في استخدام هذه الطاقة بأسلوب صديق للبيئة، بفضل رؤية مبتكرة من الشاب ألبرت ألبرتسون. تمتلك آيسلندا 5 محطات حرارية، وتبلغ قدرة إنتاج الطاقة الحرارية في البلاد 755 ميغاواط، مما يجعلها من بين أكبر 10 دول منتجة لهذه الطاقة.
الطاقة الجوفية لا تقتصر فقط على الكهرباء، بل تستخدم أيضًا لتشغيل البيوت الزجاجية الزراعية، دعم السياحة من خلال الينابيع الساخنة، وإنتاج مستحضرات التجميل والوقود النظيف من خلال إعادة استخدام ثاني أكسيد الكربون الناتج عن العمليات الحرارية.
لكن، رغم هذا النجاح، تواجه آيسلندا تحديات كبيرة، مثل الجفاف الذي شهدته في 2022 والذي أثر على مستويات المياه الساخنة. ومع تزايد الطلب على الطاقة، خاصة في العاصمة ريكيافيك، من المتوقع أن تواجه البلاد تحديات إضافية في تأمين احتياجاتها من الطاقة الحرارية، خاصة في فترات البرد القارس.
بينما تسعى آيسلندا لتحقيق هدفها الطموح بالوصول إلى صفر انبعاثات كربونية بحلول 2040، تظل مهمة توسيع البنية التحتية للطاقة الحرارية دون الإضرار بالبيئة أو استنزاف الموارد هي التحدي الأكبر أمامها.