صورة جوية تبين حجم الدمار في مدينة غزة

تدفّق آلاف الفلسطينيين شمالاً على طول ساحل غزة، أمس السبت، عائدين سيراً على الأقدام أو على متن سيارات وعربات إلى منازلهم المهجورة والمدمّرة، مع صمود وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس.

ويُقدّر أن نحو نصف مليون فلسطيني عادوا إلى مدينة غزة المدمّرة في اليوم الثاني من الهدنة، حيث خيّم الصمت المطبق على شوارع تحوّلت إلى أنقاض رمادية، وغلبت الصدمة كثيرين منهم أمام حجم الدمار. وحذّرت حركة حماس من مفاوضات «صعبة» في المرحلة التالية من خطة ترامب.

العائدون ساروا بين الركام في مشهدٍ أقرب إلى ما بعد الزلازل، يحملون في عيونهم الذهول أكثر مما يحملون في أيديهم. وتُظهر مقاطع فيديو لوكالة «فرانس برس» رجالاً يمشون وسط أنقاض الأبنية وقد تلاشت ملامح الأحياء التي كانت يوماً نابضة بالحياة.

تقول رجا سلمي، التي عادت سيراً إلى بيتها في حيّ الرمال: «مشينا ساعات طويلة، وكل خطوة كانت مليئة بالخوف والقلق على منزلي. لكن عندما وصلت، وجدت أن بيتي لم يعد موجوداً… مجرد كومة من الركام». ثم تضيف بصوتٍ يختنق بالبكاء: «وقفت أبكي أمامه… كل الذكريات تحوّلت إلى غبار».

أما سامي موسى (28 عاماً) فعاد وحيداً إلى مخيم الشاطئ «لتقييم الأضرار»، قائلاً: «ما رأيته صادم… كأنني دخلت مدينة أشباح، الشوارع مدمّرة والمنازل منهارة أو منهوبة، والرمال في كل مكان». وأضاف: «فقدنا غزة الجميلة، وما زلنا خائفين مما سيحدث».

ساهر أبو العطا اكتفى بجملة واحدة وهو يتلفّت حوله: «لا أجد كلمات تصف ما أراه… دمار، دمار، ومزيد من الدمار».

فيما سارت نبيلة بصل وابنتها الجريحة بين الركام ترددان بحذر المصدّق والمكذّب: «الحمد لله… خلصت الحرب. إن شاء الله تكون آخر معاناة إلنا».

وفي أحياء أخرى، وقف أحمد الجعبري فوق أنقاض منزله الذي بناه قبل 40 عاماً وقال: «دُمر في لحظة. أنا سعيد لأنه لا دماء اليوم، لكن… إلى أين سنذهب؟ هل سنعيش عشرين عاماً في خيمة؟».

بين ركام البيوت وذكريات الأمس، بدت غزة كمدينةٍ عادت إلى الحياة لتجد نفسها بلا قلب ولا ملامح — فقط رماد وحنين.

البحث