معمل غزل ونسيج

تشهد صناعة الملابس والمنسوجات العالمية تحولًا استثنائيًا قد يمنح مصر فرصة نادرة لتصبح مركزًا صناعيًا وتصديريًا بارزًا في هذا القطاع، خصوصًا في ظل التحديات التي تواجهها الصين وتركيا، أبرز لاعبي السوق.

ففي عام 2024، بلغت صادرات مصر من الملابس 2.8 مليار دولار، بزيادة 18% مقارنة بالعام السابق، إلا أن هذا الرقم لا يزال متواضعًا أمام صادرات الصين البالغة نحو 286 مليار دولار، وتركيا التي تُصدّر بنحو 36 مليار دولار سنويًا.

لكن الظروف العالمية بدأت تنقلب لصالح مصر. الصين تواجه حربًا تجارية متواصلة مع الولايات المتحدة وارتفاعًا في تكاليف الإنتاج، بينما تعاني تركيا من تضخم مرتفع وأزمات في أسعار الطاقة والعملات. هذه المتغيرات دفعت شركات من البلدين إلى النظر في مصر كبديل واعد لتوسيع عملياتها.

وتملك مصر عدة مزايا مغرية، أبرزها انخفاض كلفة اليد العاملة (أقل من 150 دولارًا شهريًا)، وموقعها الجغرافي القريب من أوروبا، وتوافر بنية تحتية حديثة في مناطق صناعية مثل قناة السويس، والمنيا، والفيوم، ومدينة السادات.

وقد بدأت التحركات الاستثمارية بالفعل، حيث زار وفد صيني رسمي هيئة الاستثمار المصرية لبحث إمكانية نقل خطوط إنتاج إلى البلاد. كما بدأت شركات تركية بالفعل في تحويل جزء من إنتاجها إلى مصر، مستفيدة من اتفاقية “QIZ” التي تتيح تصدير المنتجات إلى السوق الأميركية دون رسوم جمركية.

مع ذلك، تواجه مصر تحديات داخلية تهدد استثمار هذه الفرصة بالكامل، منها البيروقراطية، وضعف سلاسل التوريد المحلية، والنقص في العمالة الفنية المدربة.

ولتحقيق انطلاقة حقيقية، تحتاج الحكومة إلى تطوير منظومة التعليم الصناعي وتحسين بيئة الأعمال بشكل عاجل.

الفرصة أمام مصر سانحة، لكن تحويلها إلى مكاسب واقعية يتطلب رؤية اقتصادية حاسمة وإصلاحات سريعة تواكب التحولات العالمية الجارية.

البحث