كشفت السلطات التركية عن واحدة من أكبر قضايا الاحتيال في تاريخ البلاد، بعد تفكيك شبكة تزوير متطورة تمكّنت من النفاذ إلى قواعد بيانات حكومية حساسة، وتزوير مئات الوثائق الرسمية، من بينها شهادات جامعية ورخص قيادة.
ووفق ما أعلنته وزارة العدل التركية، تمكنت العصابة من الحصول على رموز دخول سرية خاصة بمسؤولين حكوميين رفيعي المستوى، ما أتاح لها التلاعب ببيانات مؤسسات كبرى، مثل هيئة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (BTK)، ووزارة التعليم، وعدد من الجامعات المرموقة.
عشرات الشهادات والوثائق المزورة
الحكومة التركية أقرت رسميًا بتزوير نحو 60 شهادة جامعية، وأكثر من 100 رخصة قيادة، وسط تقارير إعلامية تتحدث عن مئات الوثائق المزيفة التي كانت تُباع بسهولة عبر تطبيق “واتساب” وبأسعار قد تصل إلى آلاف اليوروهات، وفقًا لنوع الوثيقة.
وقد أدرجت هذه الوثائق داخل النظام الإلكتروني الحكومي الرسمي، المستخدم في جميع المعاملات الإدارية في تركيا.
تحقيقات وملاحقات قضائية
وزير العدل التركي، يلماز تونج، أوضح أن النيابة العامة وجّهت اتهامات إلى 199 شخصاً بتهم تتعلق بالتزوير، والولوج غير القانوني إلى البيانات، والتلاعب بالمعلومات الشخصية. ومن المتوقع أن تُحال القضايا إلى القضاء خلال شهر أيلول الجاري.
وبدأت أولى الخيوط بالظهور أواخر عام 2024، بعد بلاغات تلقتها إحدى الجامعات في أنقرة، ليتوسع التحقيق لاحقًا ويشمل عدة جهات ومناطق.
استغلال ضحايا الزلزال.. والمحتالون يخترقون السجلات
الفضيحة أخذت منحى مأساويًا، عندما تبيّن أن العصابة قامت بحذف بيانات محامين قضوا في زلزال 2023، من السجلات الرسمية، واستخدمتها لتمرير وثائق مزورة باسمهم.
ووصف أستاذ المعلوماتية في جامعة مرمرة، مراد كيريك، ما حدث بأنه “فضيحة متكاملة الأركان”، مشيرًا إلى التنظيم العالي الذي اتسمت به عمليات العصابة.
فيما صرّح البروفيسور فيصل أولوسوي، الرئيس السابق لمعهد العلوم الاجتماعية في جامعة “يدي تبة” ويعمل حالياً في جامعة هارفارد، أن المشكلة أكبر مما أُعلن، ومتشابكة مع السياسة والقرارات الإدارية، خاصة في التعيينات والترقيات وحتى معادلات الشهادات الدولية.
أمثلة صادمة: من عمال نظافة إلى أطباء
من بين أبرز ما كشفه التحقيق، كان تورط رجل أعمال حصل على شهادة مزورة في الهندسة المدنية من جامعة “يلدز” التقنية، رغم أن شركته نفّذت مشاريع كبرى مثل بناء السدود.
وفي حادثة أخرى، تبيّن أن عامل تنظيف سجاد كان يزعم أنه طبيب نفسي، قائلاً إنه درس علم النفس في الخارج، فيما أظهرت التحقيقات أن الشركة التي استعان بها لاستخراج معادلة للشهادة، زورت له وثيقة جديدة بالكامل دون علمه – وفق ما يدّعي.