تتفاقم الأوضاع الإنسانية في السودان مع تفشي وباء الكوليرا وأوبئة أخرى بشكل “مخيف” في الخرطوم وست ولايات سودانية أخرى، متحولة إلى كارثة تهدد حياة الآلاف، وذلك وسط تراجع “مريع” في الخدمات الصحية، ونقص حاد في مياه الشرب النظيفة، وتلوث بيئي ناتج عن الحرب المستمرة للسنة الثالثة على التوالي.
تشير مصادر رسمية إلى أن عدد الإصابات بالكوليرا تجاوز 2700 حالة خلال أسبوع واحد فقط، مع تسجيل 172 حالة وفاة، معظمها في ولاية الخرطوم.
نداءات استغاثة عاجلة
أجرى رئيس الوزراء السابق، عبد الله حمدوك، اتصالات مع جهات إقليمية ودولية ذات صلة بالمجال الصحي والإنساني، مؤكداً الأوضاع الكارثية في البلاد وتفشي الأوبئة التي “تحصد الأرواح يومياً في ظل نظام صحي منهار تماماً”. وحث المنظمات الإنسانية على “التدخل الفوري لإنقاذ السودانيين، وبذل كل ما يمكن لاحتواء الكارثة الصحية”.
من جانبها، كشفت منظمة “أطباء بلا حدود” عن تفشي الكوليرا بشكل كبير في ولاية الخرطوم، وناشدت الجهات المانحة والأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية لـ”لارتقاء بجهود تعزيز المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية في الخرطوم على وجه السرعة، للحد من تفشي المرض”. وتؤكد المنظمة وجود 13 فريق عمل في الخرطوم لدعم الاستجابة.
أرقام صادمة وتوقعات قاتمة
وفقاً للمتحدث باسم نقابة أطباء السودان، الدكتور سيد محمد عبد الله، فإن الأعداد الرسمية للإصابات تتراوح بين 600 و700 حالة أسبوعياً، وهي الحالات التي تصل إلى المستشفيات، مشيرًا إلى وجود “الكثير من الإصابات والوفيات في المنازل لم تُسجل”. وأضاف أن “العدد أكبر بكثير، والإصابات تزداد بصورة متسارعة”.
وأرجع عبد الله تفشي الوباء إلى “الوضع المادي الصحي المتدهور الذي تعيشه البلاد جراء الحرب”، وتحديداً “قصف محطات الكهرباء، ما أدى لتعطل محطات المياه، واضطرار المواطنين لشرب مياه غير صحية من النهر مباشرة، إلى جانب تردي أوضاع البيئة، وفشل نظام الصرف الصحي”.
أعلنت وزارة الصحة السودانية عن الكوليرا رسميًا في أغسطس 2024، وسجلت 24880 إصابة خلال 4 أشهر، حيث كان أول ظهور للوباء في مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض بعد تضرر محطات الكهرباء. وتتركز 90% من الإصابات حالياً في ولاية الخرطوم، بالإضافة إلى حالات في ست ولايات أخرى: سنار، الجزيرة، شمال كردفان، نهر النيل، والشمالية.
تحذيرات من تفاقم الأزمة
وجهت نقابة الأطباء السودانيين نداءً عاجلاً للمنظمات الإنسانية، بما في ذلك منظمة الصحة العالمية واليونيسيف، لـ”تدارك الكارثة، وتقديم العون للمواطنين بكافة السبل، بما في ذلك الإسقاط الجوي”. وأكد عبد الله أن الأطباء يعملون في ظروف قاسية وبدون المعينات اللازمة لمواجهة الوباء.
وحذر المتحدث من استمرار الكارثة في ظل الحرب، متوقعاً تفاقم الأزمة الصحية في موسم الأمطار المقبل، مما قد يؤدي إلى ازدياد معدلات الإصابة بالكوليرا والحميات مثل الملاريا وحمى الضنك، في ظل تردي الوضع البيئي وانعدام التوعية وتكدس النازحين.