ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس عيد انتقال السيدة العذراء بالنفس والجسد إلى السماء في كنيسة الصرح البطريركي في الديمان، بمشاركة المطرانين بولس صياح وإياس نصار، والقيم البطريركي الخوري طوني الآغا، والأب هادي ضو، إلى جانب عدد من المؤمنين.
وبعد تلاوة الإنجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان: “ها منذ الآن تطوّبني جميع الأجيال، لأنّ القدير صنع بي عظائم” (لو 1: 48-49). وقال فيها: “ها نحن ننضمّ إلى الأجيال التي تطوّب مريم العذراء لعظائم الله فيها. هذه العظائم أصبحت عقائد إيمانية، وقد توجّها عقيدة انتقال العذراء مريم للمجد الأسمى بنفسها وجسدها إلى السماء. يسعدني أن أرحب بكم جميعًا للاحتفال معًا بهذه الليتورجيا الإلهية تكريمًا لسيّدة الانتقال، التي تحيط وطننا وشعبنا بحمايتها، وترافق مسيرتنا بالنعمة”.
وأضاف: “فلنتأمل في هذه العظائم ونتوقف عند خمس منها. أولى العظائم هي عصمة مريم من الخطيئة الأصلية، فمنذ لحظة تكوينها في حشا أمها القديسة حنة، تدخل الله وعصمها من هذه الخطيئة، لتكون أماً نقيّة ممتلئة نعمة للمسيح فادي الإنسان. هذه العقيدة أعلنها البابا بيوس التاسع في 8 كانون الأول 1854. ثاني العظائم هي بتولية مريم الدائمة، حيث كانت عذراء قبل الميلاد وفيه وبعده، وتمّت نبوءة إشعياء: “ها العذراء تحبل وتلد ابناً اسمه عمانوئيل” (متى 1:23). ثالث العظائم هي أمومتها لابن الله المتجسد، وهذه عقيدة أعلنها مجمع أفسس سنة 431، حيث اعتُبرت مريم هي والدة الإله في الزمن. رابع العظائم هي شراكتها في الفداء، فبإيمانها الصامد، تألمت مع ابنها الفادي على الصليب. خامس العظائم هي أمومتها للكنيسة، كما أعلنها البابا بولس السادس أثناء المجمع الفاتيكاني الثاني. تتويج هذه العظائم هو انتقال مريم بنفسها وجسدها إلى مجد السماء، وهو عقيدة أعلنها البابا بيوس الثاني عشر في 1 تشرين الثاني 1954، حيث قال: “تتويجًا رفيعًا لانعاماتها، شاء الله أن ينقلها بنفسها وجسدها إلى مجد السماء”.
وتابع الراعي قائلاً: “عيد الانتقال المشرق بنور المجد يُدخلنا في قلب ليتورجيا السماء، حيث نحتفل في انتصار القيامة في جسد بشري حقيقي. في انتقال مريم، نحتفل بما نرجوه جميعًا، وهو القيامة في ملكوت الله. ليتورجيا اليوم تربط الأرض بالسماء، التاريخ بالأبدية، والزمن بالرجاء. في عيد سيّدة الانتقال، نرفع أنظارنا إلى لبنان الجريح المتألم، لكنه الغني بنعمة العناية الإلهية، وببقائه في حماية سيّدة لبنان، رغم الأزمات التي يمر بها. نصلّي من أجل المسؤولين كي يوقظ الله فيهم الحس الوطني الصادق، لا حب الذات، بل حب الوطن وكرامة الشعب. لبنان بحاجة إلى جميع أبنائه لبنائه من جديد، بقوة الرجاء، على مثال مريم العذراء التي آمنت فتمّت لها المواعيد”.
وختم الراعي قائلاً: “لبنان بحاجة إلى إرادة وطنية صادقة وجهد مستمر للخروج من ذهنية المحاصصة والتعطيل إلى فكر وطني جامع يوحد ولا يفرّق. لبنان هو مشروع دولة مدنية عادلة، قادرة وفاعلة، تحترم الدستور وتطبق القوانين وتكفل الحقوق والكرامات”.
وأضاف: “في عيد الانتقال، نرفع أفكارنا وقلوبنا إلى أمنا مريم العذراء حامية هذا الشرق، ونضع بين يديها وطننا لبنان الجريح. نلتمس شفاعتها من أجل خلاصه، ومن أجل قيامة شعبنا إلى نور الرجاء والخلاص. نرفع المجد والتعظيم لله على عظائمه، الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد”.
وفي ختام القداس، استقبل الراعي المشاركين في الذبيحة الإلهية.