أعلن رئيس الحكومة نواف سلام اليوم عن انطلاق مرحلة جديدة لمعالجة الأزمة المالية، من خلال مشروع قانون شامل يهدف إلى استرداد ودائع المودعين ومعالجة الفجوة المالية بطريقة منهجية ومنصفة، وذلك بعد سنوات من الشلل والتآكل الصامت للودائع وتدهور الطبقة الوسطى.
وقال سلام إن “حكومتنا تعهّدت في بيانها الوزاري بإنصاف المودعين والسير في طريق الإصلاح الاقتصادي والمالي، ونجدّد اليوم هذا الالتزام”، مشددًا على أن المشروع يضع “الشفافية والعدالة في صميم الحلول، من خلال قانون منصف وقابل للتنفيذ”.
وأوضح أن المشروع “لا يقدم مسكّنًا مؤقتًا لأزمة استمرت سنوات، بل يعالجها بصدق ووضوح واستعداد لتحمل المسؤولية”، مضيفًا أن “هذا القانون يمثل تحوّلًا في المقاربة من التهرب من المسؤولية إلى تحمّلها، ومن إنكار الخسائر إلى الاعتراف بها والتعامل معها ضمن مسار واقعي”.
ويشمل المشروع الجديد ضمان حصول المودعين الذين تقل قيمة ودائعهم عن 100,000 دولار على كامل ودائعهم خلال أربع سنوات، وهم يمثلون نحو 85% من المودعين، فيما سيحصل المودعون المتوسّطون والكبار على 100,000 دولار بالإضافة إلى سندات قابلة للتداول بقيمة رصيد ودائعهم، وفق جدول زمني محدد ودون أي اقتطاع من أصل الودائع.
وأشار سلام إلى أن مشروع القانون يُدخل للمرة الأولى مبدأ المساءلة عن الأرباح غير العادية، عبر آليات استرداد على شكل غرامات تستهدف الفئات التي استفادت من الأزمة على حساب المودعين العاديين.
وأكد أن المشروع “قد لا يكون مثالياً وقد لا يحقق تطلعات الجميع، لكنه خطوة واقعية ومنصفة على طريق استعادة الحقوق ووقف الانهيار وإعادة العافية إلى القطاع المصرفي وتحفيز النمو”. كما أشار إلى التزام الدولة برسملة مصرف لبنان وفقًا للمادة 113 من قانون النقد والتسليف، مع التأكيد على أن المشروع يأتي في أفضل صورة ممكنة ضمن الموارد المتاحة.
وختم سلام مؤكّدًا أن المشروع ليس مجرد تشريع مالي، بل خيار سياسي وأخلاقي، “خياره الإنصاف وحماية الناس بدل الامتيازات، وخياره الاعتراف بالواقع وتفعيل المساءلة والمحاسبة، لضمان عدم اختفاء الودائع”، مشيرًا إلى أن القانون يضع “خارطة طريق واضحة للخروج من الأزمة الطويلة واستعادة حقوق الناس ودعم نمو الاقتصاد الوطني”.