الجيش

كتب آلان سركيس في نداء الوطن: يحتلّ الملف الأمني صدارة الأحداث في لبنان. ومع سلوك هدنة غزة طريقها نحو التنفيذ رغم بعض العقبات، تتجه الأنظار إلى لبنان حيث لم يستطع اتفاق 27 تشرين الثاني 2024 ختم مسار حرب الجنوب.تعطي الغارات التي تنفذ في الجنوب والبقاع وبقية المناطق مؤشرًا إلى اتجاه الأمور. الحرب قد تشتعل في أي وقت. وتبرّر إسرائيل غاراتها باستهداف مواقع لـ «حزب الله» ومنعه من إعادة بناء قدراته، في حين يمنح «الحزب» إسرائيل الذرائع، فهو يفاخر ببناء قوته، ولا يتعاون مع الدولة اللبنانية، ويستمرّ بالتحرّك العسكري رغم معرفته المسبقة بأن كل عنصر يتحرّك هو هدف لإسرائيل ومسيّراتها.وإذا كانت الحكومة اللبنانية كلّفت الجيش اللبناني العمل على تطبيق قراراتها المتخذة في 5 و7 آب وقدّم الجيش خطته، فهذا الأمر لا يكفي وسط عناد «حزب الله» من جهة، وعدم تأمين الحكومة الدعم المطلوب للمؤسسة العسكرية لكي تقوم بواجباتها من جهة أخرى.ويصعب على الحكومة تأمين المستلزمات المالية وسط حالة العجز التي تعيشها البلاد. وفي السياق، يلجأ قادة لبنان إلى طلب مساعدات من الخارج، في وقت يتمّ الرهان على مؤتمر السعودية لدعم الجيش اللبناني.وتعتبر واشنطن من أكبر مسلّحي الجيش اللبناني. وقد عُقدت سابقًا مؤتمرات دعم للجيش بعد تنامي قوّة «داعش» والمنظمات الإرهابية واحتلالها أجزاء من جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع.ولعّل ما كان يميّز مؤتمرات الدعم السابقة هو وجود غطاء ورعاية دولية لها، وأبرز تلك المؤتمرات كان مؤتمر روما الذي عقد للمرة الأولى عام 2014، بعد بروز «داعش» واحتلالها مناطق شاسعة في العراق وسوريا واقترابها من لبنان، وتكثف الدعم الأميركي والدولي للجيش في تلك المرحلة إلى أن عقد مؤتمر روما 2 في ربيع 2018، وأتت ثورة 17 تشرين 2019 ولحقها الانهيار الاقتصادي والمالي، وبات الدعم الذي يؤمّن للجيش نتيجة التواصل مع الدول الداعمة وليس على شكل مؤتمرات.وساهمت المساعدات العربية والدولية في تأمين صمود المؤسسة العسكرية وسط الأزمة الاقتصادية الحادّة، وهذا الأمر منعها من الانهيار ومواجهة الأزمة في أصعب مرحلة من تاريخ لبنان.ومع اقتراب موعد تشرين الثاني، تبرز تساؤلات عن مؤتمر الدعم الذي كان سيعقد في باريس نُقل من ثمّ إلى الرياض، حيث خفّ زخم الحديث عنه وتراجع مع تقدّم خطّة الرئيس دونالد ترامب للسلام في غزة والمنطقة.وفي السياق، تؤكّد مصادر رسمية لـ «نداء الوطن» أن الاتصالات ما تزال مستمرة بين لبنان والدول الداعمة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والمملكة العربية السعودية، وهذه الاتصالات تهدف إلى إنجاح مؤتمر دعم الجيش اللبناني، ويتمّ التركيز على الدول المانحة التي وقفت سابقًا ولا تزال إلى جانب الجيش اللبناني.وتبدي المصادر تخوّفها من أي عمل أو خضة أمنية كبرى أو سياسية تؤدّي إلى تأجيل انعقاد المؤتمر أو تفشيله، فالمنطقة، ولبنان من ضمنها، تعيش على فوهّة بركان، وترتبط الحسابات الأمنية والعسكرية في هذه المرحلة بالحسابات السياسية، خصوصًا أن الضغط على لبنان لتسليم سلاح «حزب الله» لا يأتي فقط من واشنطن بل من عواصم عربية فاعلة ومؤثرة على الساحة اللبنانية.لم تتبلّغ بيروت بأي تأجيل للمؤتمر حتى الساعة، لكن لا يوجد تأكيد جازم بحصوله أو نجاحه، ويرتبط نجاح المؤتمر، إن عُقد، بقرار كبير من الولايات المتحدة الأميركية بضرورة مساندة الجيش اللبناني ودعمه للقيام بالمهام الملقاة على عاتقه.تبقى الأيام المقبلة كفيلة بكشف مسار المؤتمر، ويبدو أن هناك قرارًا واضحًا بدعم الجيش حتى لو لم يُعقد المؤتمر، في حين تبدّلت حاجات الجيش اللبناني منذ مؤتمرات 2014 و2018، إذ إن الأولوية لدعم أفراد الجيش للصمود وسط الأزمة الاقتصادية الحادّة، من ثمّ تزويده بوسائل تكنولوجية متطوّرة لأن مفهوم الحروب تبدّل وحاجات الجيوش تغيّرت.

البحث