يشهد لبنان منذ تولي كريم سعيد منصب حاكم مصرف لبنان مرحلة إصلاحية تهدف إلى استعادة الاستقرار المالي والنهوض الاقتصادي. أطلق سعيد سلسلة إجراءات لتحسين البيئة المالية، من بينها استئناف الحوار مع صندوق النقد الدولي، وهو عنصر أساسي لإطلاق المساعدات الدولية وتحريك العجلة الاقتصادية.
كما عمل المصرف على مكافحة الاقتصاد الموازي عبر التعميم رقم 170، الذي يضع حداً للتعامل مع الكيانات غير المرخصة، بما في ذلك مؤسسات مثل “القرض الحسن”، بالتوازي مع مطالبة وزارة الداخلية بالتحقيق في نشاط هذه الجهات غير القانونية. تهدف هذه الخطوات إلى تعزيز الشفافية المالية ورفع اسم لبنان من اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي (FATF).
على صعيد هيكلي، أجرى المصرف إصلاحات في القطاع المصرفي لتعزيز الثقة وإعادة تنظيم النظام المالي، كما عقد شراكة استراتيجية مع شركة الاستشارات العالمية K2 لرصد المخاطر الاقتصادية وكشف الثغرات التنظيمية، ووضع توصيات عملية لتعزيز استقرار الاقتصاد اللبناني وجذب الاستثمار الدولي.
الحكومة اللبنانية دعمت هذه الخطوات من خلال إصدار تعاميم تمنع تقديم الخدمات القانونية للكيانات الخاضعة للعقوبات، وأسفرت الإجراءات عملياً عن تعليق حساب تبرعات جمعية مرتبطة بحزب الله لدى شركة تحويل الأموال Wish Money.
يبقى لبنان أمام مفترق حاسم: إما تعزيز الدولة والاقتصاد الشرعي وإعادة الاندماج في الاقتصاد العالمي، أو البقاء رهينة لعزلة مالية واقتصادية. الخطوات الحالية لحاكم مصرف لبنان ووزير العدل تشكل بداية مسار إنقاذ وطني لإطلاق ورشة تعافٍ شاملة واستعادة الثقة الدولية.