كشفت دراسة أميركية حديثة عن فاعلية عالية لمضاد حيوي شائع يُعرف باسم «ريفامبين» (Rifampin) في القضاء على البكتيريا المُسببة لحمى التيفوئيد، بنسبة بلغت 99.9 في المائة، ما يُمهّد الطريق لعلاج فعّال للعدوى الشديدة والمقاومة للأدوية.
ووفقاً لفريق من الباحثين في جامعة كورنيل، فإن نتائج الدراسة التي نُشرت في دورية eBioMedicine تُظهر أن هذا الدواء، المعتمد من قِبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية والمُدرج ضمن قائمة منظمة الصحة العالمية للأدوية الأساسية، قد يُعيد رسم خريطة علاج التيفوئيد، خاصة في ظل تصاعد خطر السلالات المقاومة للمضادات الحيوية.
وتُعدّ حمى التيفوئيد من الأمراض البكتيرية الخطيرة التي تُسببها بكتيريا السالمونيلا التيفية، وتحصد سنوياً أرواح أكثر من 150 ألف شخص حول العالم، خصوصاً في المناطق التي تعاني من ضعف في البنية التحتية الصحية والمياه النظيفة.
وفي إطار الدراسة، أظهر «ريفامبين» قدرة استثنائية على إزالة الكبسولة الواقية التي تُغلف البكتيريا، وهي آلية حيوية تسمح لها بتجنّب دفاعات الجهاز المناعي وتُسهم في تكوين الأغشية الحيوية التي تُعزز مقاومتها للعلاج. ووجد الفريق أن إزالة هذه الكبسولة يجعل البكتيريا أكثر عرضة للقضاء عليها، حتى في سلالات شديدة الضراوة.
ويُعتقد أن السبب وراء تراجع استخدام «ريفامبين» سابقاً لعلاج التيفوئيد يعود إلى ارتباطه بحالات مقاومة في علاج السل، لكن نتائج التحليل الجيني بينت أن أكثر من 99.4% من العزلات الإكلينيكية لحمى التيفوئيد لا تزال حساسة لهذا المضاد الحيوي، بنسبة دقة وصلت إلى 99.91%.
وإضافة إلى التيفوئيد، يعتقد الباحثون أن آلية عمل «ريفامبين» قد تنطبق أيضاً على أنواع بكتيرية أخرى محاطة بكبسولات مشابهة، مثل البكتيريا المسببة للالتهاب الرئوي والتهاب السحايا، ما يُوسّع نطاق استخدامه المحتمل.
ويواصل الفريق البحثي حالياً العمل على استراتيجية علاجية مزدوجة، تجمع بين أدوية إزالة الكبسولة ومضادات تستهدف سمّ التيفوئيد، بهدف تطوير نهج شامل لمكافحة المرض.
ويؤكد الباحثون أن الجمع بين علاج فعّال وتوسيع حملات التلقيح هو الطريق الأمثل للقضاء على حمى التيفوئيد، وحماية ملايين الأرواح حول العالم.