في واقعة غير متوقعة، تحوّل مشروع لتمديد أنابيب الغاز في أحد شوارع ليما، عاصمة البيرو، إلى اكتشاف أثري مهم، بعدما عثر عمال الحفر على مومياء يعود تاريخها إلى أكثر من ألف عام.
الاكتشاف تمّ على يد فريق من شركة “كاليدا” لتوزيع الغاز، أثناء تنفيذ أعمال في منطقة “بوينتي بيدرا”، شمال العاصمة، حيث كشف الحفر عن كفن دفن يعود إلى حضارة ما قبل الإنكا، وفق ما أكده عالم الآثار خيسوس باهاموندي.
وأضاف باهاموندي أن المومياء كانت في وضعية الجلوس، بذراعين وساقين مطويتين، ووجه متجه نحو الشمال، وهي سمة شائعة في طقوس الدفن لدى بعض ثقافات بيرو القديمة. كما عُثر بجانب الجثمان على مجموعة من القطع الفخارية الحمراء والسوداء، التي يُعتقد أنها وُضعت كقرابين جنائزية.
وتعود المومياء، بحسب التقديرات، إلى حقبة ثقافة تشانكاي، التي ازدهرت في وديان ليما ما بين القرن الـ11 ومطلع القرن الـ15، أي قبل قرون من قيام حضارة الإنكا.
ويقول خوسيه بابلو ألياغا، أحد علماء الآثار المشاركين في التقييم الميداني، إن أهمية هذا الاكتشاف تتجاوز حدود الهيكل العظمي نفسه، إذ “يعيد تشكيل فهمنا للتاريخ القديم للعاصمة، ويُظهر أنها لم تكن مجرد مركز حضري حديث، بل موطناً لحضارات سبقت الاستعمار الإسباني بآلاف السنين”.
ووفقاً لما ذكرته الشركة، فإن موقع الاكتشاف يقع ضمن “مقبرة واسعة من حقبة ما قبل الإسبان”، وهو ما يعيد تسليط الضوء على غنى بيرو بالتراث المدفون في عمق أراضيها.
يُذكر أن العاصمة ليما، التي يفوق عدد سكانها عشرة ملايين نسمة، تحتوي على أكثر من 500 موقع أثري، من بينها العشرات من “هواكاس” – وهي تلال جنائزية من الطوب الطيني، بنتها حضارات قديمة قبل وصول المستعمرين الإسبان.
ومنذ بدء شركة “كاليدا” أعمالها في 2004، وثّقت أكثر من 2200 اكتشاف أثري تم العثور عليها بالمصادفة خلال مشاريع البنية التحتية، ما يُبرز التداخل اللافت بين الحداثة والجذور التاريخية في واحدة من أقدم مدن أمريكا الجنوبية.