النفايات

في مشهد يعاكس الواقع الذي تعيشه معظم دول العالم، تواجه الصين اليوم أزمة غير متوقعة: نقص في القمامة!

فعلى عكس ما تعانيه مدن العالم من جبال نفايات وتحديات في التخلص منها، تجد الصين نفسها في وضع مغاير، حيث لم تعد مصانع حرق النفايات تعمل بكامل طاقتها. بل إن بعضها بات مضطرًا إلى شراء النفايات من مناطق أخرى فقط لضمان استمرار التشغيل!

ما السبب وراء هذا التراجع المفاجئ؟

في السنوات الأخيرة، استثمرت الصين مليارات الدولارات لبناء بنية تحتية حديثة لمعالجة النفايات، بهدف تقليل الاعتماد على المكبات التي لطالما كانت مصدراً رئيسياً للتلوث. إلا أن هذه المصانع المتطورة وجدت نفسها الآن في وضع غير متوقع: لا نفايات كافية لتشغيلها!

حملات التدوير غيّرت كل شيء

التحول المفاجئ يعود إلى سياسات صارمة انتهجتها الحكومة الصينية لتعزيز إعادة التدوير، والتي شملت:

فرض فرز إلزامي للنفايات في المنازل والمؤسسات.

تعزيز الرقابة على عمليات الجمع والتصنيف.

حملات توعية وطنية لتشجيع الاستهلاك المسؤول وتقليل الهدر.

وقد أسفرت هذه السياسات عن نتائج ملموسة؛ فأصبح المواطنون أكثر التزامًا بفرز النفايات، تقليل استخدام البلاستيك، والمشاركة الفعالة في إعادة التدوير. والنتيجة: انخفاض كبير في حجم القمامة القابلة للحرق.

مصانع تشتري القمامة!

في مفارقة ساخرة، لم تعد القمامة عبئاً، بل سلعة يُدفَع مقابلها. بعض مصانع الحرق اضطرت إلى جلب نفايات من مدن نائية أو شراءها من أماكن أخرى فقط لضمان استمرار عملها.

بيئياً جيد.. اقتصادياً مقلق

من الزاوية البيئية، يُعد هذا التطور نجاحاً مهماً يعزز مفهوم الاقتصاد الدائري، ويقلل من التلوث، ويعكس وعياً مجتمعياً متزايداً.

لكن اقتصادياً، فإن ضخ استثمارات ضخمة في مصانع لا تعمل بكفاءة كاملة يمثل تحدياً. إلا إذا تم تعديل نماذج التشغيل لتستوعب أنواعاً جديدة من النفايات، أو إعادة توجيهها نحو تقنيات أكثر مرونة واستدامة.

البحث