الإنسان والحاسوب

يعيش العالم اليوم تغييرات متسارعة لم يشهدها التاريخ من قبل، حيث تتطور تقنيات المعلومات والاتصالات بشكل يجعل متابعتها أمراً شبه مستحيل.

لقد بدأت الثورة السيبرانية في تعزيز القدرة الفكرية للإنسان، بفضل التطبيقات الحاسوبية التي تمكن الآلة من أداء العديد من المهام التي كانت حكراً على الدماغ البشري. هذا التطور أدى إلى ظهور “مجتمع المعلومات الرقمي” بكل أبعاده، وهو ما نعيشه اليوم.

وتسارعت أيضاً تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، مما دفع البعض للاعتقاد بأن الذكاء الاصطناعي قد يشكل تهديداً للحضارة الإنسانية.

على مدار العقدين الماضيين، وبفضل تقدم علوم وتكنولوجيا الإدراك، شهدنا تطوراً ملحوظاً في الأجهزة والبرمجيات الذكية وطرق التواصل بينها وبين الدماغ البشري. هذه التقنيات أصبحت قادرة على “التفاعل” مع حواسنا وتفكيرنا وذاكرتنا، وحتى التعمق في جسم الإنسان ودماغه لتعزيز هذا التواصل.

اليوم، باتت هناك أجهزة قادرة على إعادة إحساس الرؤية لمن وُلِدوا فاقدين للبصر، وأخرى تستعيد السمع لمن فقدوا هذه الحاسة، من خلال تواصل مباشر بين الأجهزة التي تلتقط إشارات البيئة ودماغ الإنسان.

وفي السياق نفسه، تتطور أجهزة الذكاء الاصطناعي وآليات التواصل بين الإنسان والآلة لدرجة أنه يمكن التحكم فيها “مجرد التفكير”، مما يتيح التحكم في جميع الأشياء حولنا، مع الحصول على تغذية ارتجاعية تُبقي الدماغ على اطلاع بما يحدث وتوجهه للخطوة التالية، تماماً كما تفعل الحواس والشبكات العصبية في الجسم البشري.

مزايا الإنسان
العديد من القدرات التي يمتلكها الإنسان توجد، بدرجات متفاوتة، لدى العديد من الكائنات الحية الأخرى. لكن الإنسان نجح في تعظيم هذه القدرات وتطويرها بشكل يجعلها تتفوق على تلك التي تمتلكها الحيوانات، مثل الذكاء والتفكير والقدرة على اختراع الأدوات لتسخير الطبيعة لصالحه.

كما برع الإنسان في تطوير التكنولوجيا ورفع استخداماتها عبر العصور، مما جعلنا نراكم الخبرات في هذا المجال وننقلها بين الأجيال والأماكن.

ويظل ما يميز الإنسان عن الحاسوب، على الأقل حتى الآن، هو قدرته على الإبداع والابتكار، حيث يتمتع الدماغ البشري بقدرة على التفكير خارج محيطه الزمني والمكاني. بعض هذه الميزات تشمل:

التفكير التجريدي والتصور المستقبلي.
التواصل اللغوي عبر الزمن والمكان.
القدرة على وضع تصورات ذهنية للمشاكل وتحليلها والبحث عن حلول.
الإدراك والوعي الذاتي.
القدرات الغريزية المكتسبة
هذه الصفات التي تمنح الإنسان تفوقاً على الحاسوب تشمل مواهب غريزية هامة، مثل:

الفطرة والحس الغريزي السليم.
الذكاء العاطفي والاجتماعي.
التكيف مع التغيرات والمفاجآت.
الإبداع والخيال.
إضافة إلى مهارات مكتسبة مثل:

الفضول والرغبة في استكشاف المجهول.
الابتكار والقدرة على القيادة.
التعلم من التجارب وتحليلها.
العمل الجماعي والتأثير في الآخرين.
ورغم تطور الذكاء الاصطناعي، إلا أن هذه المهارات تظل فريدة للإنسان ولم يتمكن الحاسوب من اكتسابها بسهولة.

التطورات التكنولوجية الثورية
منذ استخدام الحاسوب لأول مرة في منتصف القرن العشرين كأداة حسابية فائقة السرعة، بدأت التطبيقات التكنولوجية تتوسع بسرعة كبيرة. من أبرز هذه التطبيقات:

الذكاء الاصطناعي والتعلم العميق.
الحوسبة السحابية.
معالجة البيانات الضخمة.
الواقع المعزز والافتراضي.
الروبوتات المتقدمة.
الذكاء الاصطناعي
الذكاء الاصطناعي هو البرمجيات التي تحاكي طريقة تفكير الدماغ البشري، حيث يمكن للحاسوب حل المسائل المعقدة، التعلم، والتعرف على الصور واتخاذ القرارات. يشمل الذكاء الاصطناعي:

تعلم الآلة.
التعلم العميق.
معالجة اللغة الطبيعية.
ما يمنح الذكاء الاصطناعي قوته هو قدرته على اتخاذ قرارات غير مبرمجة استناداً إلى الخبرات التي اكتسبها من البيانات.

شراكة الإنسان والحاسوب
من الواضح أن الحاسوب يتطور بسرعة ويكتسب قدرات تفوق الإنسان في العديد من المجالات، لكن هذا التطور لا يعني أن الإنسان في منافسة مباشرة مع الحاسوب. بل ينبغي تطوير شراكة بين الطرفين، حيث يقدم كل منهما أفضل ما لديه لصالح البشرية.

محفزات الشراكة
هناك عدة محفزات تدعم هذه الشراكة بين الإنسان والحاسوب، من أبرزها:

التطور المستمر في الحواسيب الذكية.
زيادة التشابك والترابط بين الشبكات العالمية.
تعقيد الأنظمة والمؤسسات حول العالم وتراكم المعلومات التي يصعب على الإنسان التعامل معها بمفرده.
من خلال هذه الشراكة، يمكن للإنسان والحاسوب أن يعملوا معاً لتحقيق تقدم هائل في مختلف المجالات.

البحث