رغم امتلاك فنزويلا أكبر احتياطي نفطي مؤكد في العالم، تواجه البلاد ضغوطًا اقتصادية متصاعدة مع تشديد الولايات المتحدة حصارها على ما يُعرف بـ«أسطول الظل» الذي يُهرّب النفط الفنزويلي خارج الأطر الرسمية.
وتعتمد كاراكاس منذ سنوات على شبكة ناقلات تعمل بعيدًا عن أنظمة التتبع الدولية، تغيّر أسماءها وأعلامها ومساراتها لنقل النفط إلى أسواق آسيوية، في مسار يشبه ما تعتمد عليه روسيا وإيران. ووفق تقارير غربية، تمثل هذه الناقلات نحو 70% من صادرات النفط الفنزويلي، وغالبًا ما تُباع الشحنات بأسعار مخفّضة وتُسدَّد أحيانًا بعملات مشفّرة.
غير أن هذا الشريان بات مهددًا بعد فرض إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب حصارًا نفطيًا جزئيًا يستهدف ناقلات الظل مباشرة، بهدف تجفيف مصادر تمويل نظام الرئيس نيكولاس مادورو. وتشير التقديرات إلى أن فقدان هذا الأسطول قد يحرم فنزويلا من نحو 8 مليارات دولار سنويًا من عائدات النفط.
اقتصاديًا، تأتي هذه الخطوة في توقيت بالغ الحساسية، إذ لا يتجاوز إنتاج فنزويلا حاليًا 900 ألف برميل يوميًا، مقارنة بنحو 3.5 ملايين برميل في تسعينيات القرن الماضي. ويُتوقع أن يؤدي أي تراجع إضافي في الصادرات إلى انخفاض تدفقات العملة الأجنبية، وصعوبات في استيراد الغذاء والوقود، وضغوط تضخمية قد تدفع التضخم مجددًا إلى مستويات قياسية.
ميدانيًا، بدأت آثار الحصار تظهر مع تغيير بعض الناقلات لمساراتها أو تعليق نشاطها، لا سيما بعد مصادرة البحرية الأميركية ناقلة كانت تحمل 1.9 مليون برميل من النفط متجهة إلى كوبا. وتشير تقديرات إلى وجود نحو 75 ناقلة في المياه الفنزويلية، نصفها تقريبًا مدرج على قوائم العقوبات الأميركية.
وفي ظل هذا التصعيد، يبرز تساؤل أساسي حول قدرة كاراكاس على إيجاد بدائل اقتصادية في حال انهيار سوق «نفط الظل»، أو ما إذا كانت البلاد تتجه نحو فصل جديد من الأزمات المعيشية والمالية.