في مقال لاذع نشرته صحيفة “هآرتس”، قارن الكاتب الإسرائيلي تسفي برئيل إسرائيل بسلسلة متاجر على وشك الإفلاس، لكنها تواصل التوسع وفتح فروع جديدة رغم الأزمات المتفاقمة داخلها. وأشار برئيل إلى أن هذه المقارنة تعكس المعضلة الحالية التي تعيشها إسرائيل، إذ تعاني من أزمة داخلية عميقة، بينما تواصل الحكومة سياساتها التوسعية في الضفة الغربية، وعملياتها العسكرية في غزة ولبنان وسوريا، كما لو أن البلاد لا تواجه تهديدات وجودية من الداخل.
وأوضح برئيل أن هذا النقد يأتي في وقت تتواصل فيه التحقيقات بشأن فشل إسرائيل الأمني في هجوم 7 تشرين الأول 2003، الذي كشف عن خلل كبير في النظام الأمني والاستخباراتي، مما أدى إلى واحدة من أكبر الضربات التي تعرضت لها إسرائيل منذ تأسيسها، وأسفرت عن مقتل وإصابة مئات الإسرائيليين وأسر عشرات آخرين على يد المقاومة الفلسطينية.
ويشدد الكاتب على أن إسرائيل تتعامل مع الوضع الحالي كما لو أن الأمور لم تتغير، رغم تداعيات الهجوم التي أثارت زلزالًا داخليًا وأدت إلى اهتزاز الثقة في الحكومة والمؤسسة الأمنية. وبرغم هذه الأزمة، تواصل الحكومة تبني سياسات تصعيدية، سواء على الصعيد العسكري أو السياسي، في حين يستمر الانقسام الداخلي وتتسارع الاحتجاجات ضد القيادة.
ويعتبر برئيل أن هذا التصرف يعد إنكارًا سياسيًا وإداريًا، حيث تركز الحكومة على تصدير الأزمات بدلاً من معالجتها، كما يفعل صاحب متجر مفلس يواصل فتح فروع جديدة دون حل مشاكل أعماله الأساسية. ويضيف أن التحقيقات العسكرية الأخيرة أظهرت إهمالًا وتهورًا أسفر عن خسائر كبيرة في الأرواح، ولكن الحكومة تعامل هذه الخسائر على أنها “أضرار عرضية” لا مفر منها في سياق الدفاع عن الوطن.
ويستمر الكاتب في تسليط الضوء على استمرار الحكومة في التوسع العسكري رغم الأزمات الداخلية. ففي غزة، تجد إسرائيل نفسها في أزمة إنسانية وسياسية عميقة، بينما تحاول إدامة سيطرتها على القطاع رغم تهديدات حماس. وفي سوريا، تواصل إسرائيل توسيع وجودها العسكري بحجة حماية الأقليات الدرزية، وهو ما يراه برئيل محاولة لتحويل الأنظار عن أزماتها الداخلية بدلاً من كونه استراتيجية أمنية مدروسة.
ويختتم برئيل مقاله بالتأكيد على أن الإمبراطوريات الكبرى، التي كانت أقوى من إسرائيل، قد تعلمت من التاريخ أن الوجود العسكري في الأراضي المحتلة لا يضمن الأمن، بل إن الاستقرار الداخلي للدولة هو الشرط الأساسي لاستمرار وجودها. ومع ذلك، يؤكد أن الحكومة الإسرائيلية مصممة على إثبات خطأ هذا المنطق، رغم أن المواطنين هم من يتحملون تكلفة هذا التوجه.