زيت الزيتون

منذ تسعينيات القرن الماضي، أصبح زيت الزيتون مكوّناً أساسياً في مطابخ العالم، مدفوعًا بازدياد الوعي بفوائده الصحية والغذائية. ومع ذلك، لا يزال هناك جدل قائم حول مدى ملاءمته للطهي، خاصة عند تعرّضه لدرجات حرارة عالية مثل القلي، وهو ما قد يؤدي إلى تدهور بعض خصائصه المفيدة.

وفي هذا السياق، أوضحت عالمة الأغذية وخبيرة الطهي جيسيكا جافين، في تصريح لموقع Eating Well، أن التسخين يمكن أن يؤثر سلبًا على المكونات الغذائية في زيت الزيتون، لكنها نبهت إلى ضرورة النظر في مجموعة عوامل عند استخدام هذا الزيت.

زيت الزيتون وفوائده الصحية

تُشير جافين إلى أن زيت الزيتون البكر الممتاز يُعدّ من أفضل أنواع الدهون الصحية، حيث يحتوي على نسبة عالية من الدهون الأحادية غير المشبعة، خصوصًا حمض الأوليك. ووفقًا لإدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)، فإن استبدال الدهون المشبعة مثل الزبدة أو زيت جوز الهند بزيت الزيتون قد يُقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب التاجية.

كما أن الدراسات أثبتت أن لزيت الزيتون خصائص قوية مضادة للالتهابات ومليئة بمضادات الأكسدة، ما يُساهم في الحماية من أمراض القلب والسكري. لذلك يُعدّ هذا الزيت من الركائز الأساسية في النظام الغذائي المتوسطي، المعروف بارتباطه بالصحة الجيدة وطول العمر.

الطهي بدرجات الحرارة وتأثيرها

من المهم معرفة أن لكل زيت “نقطة دخان”، وهي درجة الحرارة التي يبدأ عندها الزيت بالتكسر وإنتاج الدخان، ما يؤدي إلى فقدان قيمته الغذائية ونكهته. وفي حالة زيت الزيتون، تصل هذه النقطة إلى نحو 200 درجة مئوية، أي أعلى مما يعتقده الكثيرون، مما يجعله مناسبًا للعديد من طرق الطهي، خصوصًا تلك التي لا تتطلب حرارة عالية جدًا.

وأكدت جافين أن ذلك يمنح الطهاة حرية استخدام زيت الزيتون في مجموعة من الوصفات اليومية، لكن مع بعض التحفّظ، حيث إن الزيت يفقد جزءًا من مضادات الأكسدة عند التسخين، بنسبة تصل إلى 40% عند درجة حرارة 120 مئوية، وتصل إلى 75% عند 170 مئوية.

ومع ذلك، أوضحت أن محتوى البوليفينولات في زيت الزيتون يظل ضمن المستويات الصحية المُعتمدة من قِبل الاتحاد الأوروبي، بل إن دراسة أظهرت أن زيت الزيتون البكر الممتاز يُعتبر أكثر ثباتًا في درجات الحرارة المرتفعة مقارنة بزيوت أخرى ذات نقاط دخان أعلى، بفضل مضادات الأكسدة وانخفاض محتوى الدهون المتعددة غير المشبعة.

كما كشفت دراسات أخرى أن قلي الخضراوات مثل الطماطم والبطاطس والباذنجان في زيت الزيتون قد يُعزز من مستوى مضادات الأكسدة الموجودة فيها، على عكس ما يُشاع.

مسألة النكهة وتأثير الحرارة

رغم ذلك، فإن التأثير الأكبر للتسخين لا يكمن فقط في فقدان العناصر الغذائية، بل أيضًا في تغيّر النكهة. وقال جوناثان دويتش، أستاذ فنون الطهي بجامعة دريكسل، إن الحرارة الزائدة تُتلف المركبات المسؤولة عن نكهة زيت الزيتون، كالفلافونويدات والبوليفينولات.

التوصيات المثالية للاستخدام

للحفاظ على الفوائد الكاملة والنكهة الغنية لزيت الزيتون، تنصح جافين باستخدامه نيئًا متى أمكن: رشه على الخضار المشوية، المعكرونة، البيتزا، اللحوم، الأسماك أو إدخاله في تتبيلات السلطات. بذلك، نحافظ على عناصره الغذائية ونستمتع بنكهته الزهرية الفريدة.

أما في حال الطهي على درجات حرارة عالية، فيُوصي دويتش باستخدام زيوت أخرى تتحمل الحرارة أكثر، مثل زيت بذور العنب، زيت الأفوكادو، أو زيت الكانولا، الذي يتمتع بدرجة دخان تبلغ 242 مئوية ويحتوي على نسبة منخفضة من الدهون المشبعة. ولمن يفضل نكهة أغنى، يمكن استخدام السمن أو زيت جوز الهند، ولكن باعتدال، نظراً لارتفاع نسبة الدهون المشبعة فيهما.

باختصار، زيت الزيتون البكر الممتاز يُعدّ خيارًا صحيًا ومرنًا في المطبخ، شرط استخدامه بذكاء، سواء نيئًا أو في طهي معتدل الحرارة.

البحث