**EMBARGO: No electronic distribution, Web posting or street sales before WEDNESDAY 5:01 A.M. ET, JUNE 11, 2025. No exceptions for any reasons. EMBARGO set by source.** From left, Tamay Besiroglu, Matthew Barnett, and Ege Erdil, co-founders of the AI startup Mechanize, in San Francisco, June 5, 2025. Besiroglu, Barnett and Erdil believe they can eventually automate most white-collar jobs. (Manuel Orbegozo/The New York Times)

قبل أعوام، حين بدأتُ أكتب عن جهود وادي السيليكون الرامية إلى استبدال العاملين بالبشر بتقنيات الذكاء الاصطناعي، كان معظم المديرين التنفيذيين في قطاع التكنولوجيا، على الأقل، يمتلكون الجرأة لادّعاء العكس.

وعود زائفة… لتعزيز لا أتمتة؟

كانوا يردّدون عبارات من قبيل: «لسنا هنا لنُقصي العامل، بل لندعمه»، و«إن أدوات الذكاء الاصطناعي لدينا لن تُلغي الوظائف، بل ستُحرّر البشر من المهام الرتيبة».
غير أنّ هذه التصريحات، التي كانت تُساق لطمأنة الموظفين القلقين، كانت تعكس حدود التقنيات آنذاك أكثر مما تُخفي نوايا الشركات. ففي ذلك الوقت، لم تكن أدوات الذكاء الاصطناعي قادرة على أتمتة معظم الوظائف، خصوصاً تلك التي يشغلها خرّيجو الجامعات في ميادين كالتكنولوجيا والاستشارات والمال.

مؤشرات التحوّل… بطالة بين الأكاديميين

إلا أنّ الحال تغيّرت. فقد باتت الأنظمة الذكية قادرة على كتابة الشيفرات البرمجية، وصياغة تقارير بحثية مفصّلة، وحلّ مسائل علمية معقّدة. وظهرت فئة جديدة من «وكلاء» الذكاء الاصطناعي القادرين على تنفيذ سلاسل طويلة من المهام، بل والتدقيق الذاتي في نتائج أعمالهم.
وإن كانت هذه الأدوات ما تزال دون كفاءة البشر في كثير من الجوانب، إلا أنّ خبراء عديدين يرون في ارتفاع معدّلات البطالة بين خرّيجي الجامعات مؤشراً مقلقاً على استبدالهم بالفعل بأنظمة ذكية، لا سيّما في الوظائف المبتدئة.

نحو اقتصاد بلا عمّال

في سان فرانسيسكو، وخلال فعالية نظّمتها شركة ناشئة تُدعى «ميكانايز»، أُلقيت نظرة على ملامح مستقبلٍ تُؤتمت فيه جميع الوظائف، من الطبّ إلى التعليم، ومن البرمجة إلى رعاية الأطفال.
تقول تاماي بيسير أوغلو، إحدى المؤسِّسات الثلاث للشركة: «هدفنا هو أتمتة العمل بأكمله. نريد بناء اقتصاد مؤتمت بالكامل، بأسرع ما يمكن».

وقد يكون هذا الحلم امتدادًا لتنبؤات قديمة، كتلك التي أطلقها الاقتصادي جون ماينارد كينز في ثلاثينيات القرن الماضي، حين تخيّل عالماً تُنجز فيه الآلات معظم الأعمال تاركةً البشر أحراراً لممارسة هواياتهم. لكن هذا الحلم لم يتحقّق قطّ، حتى جاءت الثورة الحالية في الذكاء الاصطناعي لتُعيد إحياء الفكرة، بصيغة أكثر جدّية وربما تهديداً.

الذكاء الاصطناعي… والتعليم المعزَّز

تقوم «ميكانايز» على ثلاثية شابة: بيسير أوغلو، إيجي إرديل، وماثيو بارنيت، الذين عملوا سابقاً في شركة أبحاث تُدعى «إيبوك إيه آي». وتستند مقاربتهم إلى ما يُعرف بـ«التعلّم المعزّز» – وهي تقنية تُمكّن النماذج الذكية من تحسين أدائها عبر تكرار المحاولة والتقييم الذاتي، وقد استُخدمت سابقاً لتدريب الآلات على التفوّق في ألعاب بالغة التعقيد مثل «غو».
وقد جذبت الشركة استثمارات لافتة من رموز عالم التكنولوجيا، مثل باتريك كوليسون مؤسس «سترايب»، وجيف دين، كبير علماء «غوغل».

أتمتة متعدّدة المهام

إلا أنّ معظم الوظائف لا تقتصر على مهمة واحدة. ولذلك، تسعى «ميكانايز» إلى بناء بيئات تدريبية أكثر تعقيداً، تُمكّن النماذج الذكية من التفاعل مع سيناريوهات عمل واقعية، وتُقيّم مدى كفاءتها فيها.
وقد بدأت الشركة من مجال البرمجة، حيث حقّق التعلّم المعزّز بعض النجاح، إلا أنّ طموحها يتجاوز ذلك إلى مجالات إدارية ومكتبية عدّة.

وكتبت الشركة على مدونتها: «لن نعتبر أنفسنا ناجحين إلا حين نتمكّن من تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي قادرة على أداء معظم المهام التي يُنجزها البشر على أجهزة الحاسوب».

كم من الوقت بقي قبل أن تُستبدل وظيفتك؟

بحسب مؤسّسي «ميكانايز»، فإن أتمتة الوظائف بالكامل قد تستغرق ما بين 10 و30 عامًا. لكن ما أثار دهشتي هو افتقار العرض الذي قدّموه إلى أيّ تعاطف مع العاملين الذين يسعون فعليًا إلى استبدالهم.
وبرغم حديثهم عن مستقبل غنيّ يوزَّع فيه الدخل الأساسي الشامل على المتضرّرين، إلا أنّ الخطط بدت نظرية للغاية، ومفصولة عن الواقع الاجتماعي والاقتصادي الراهن.

أخلاقيات بلا بشر

حين سألت خلال الجلسة عمّا إذا كان من الأخلاقي أتمتة جميع أنواع العمل، أجاب بارنيت – الذي يُعرّف نفسه بأنه ليبرالي – بالإيجاب، موضحًا أنّ الذكاء الاصطناعي قد يُسرّع النمو الاقتصادي، ويُسهم في إنقاذ الأرواح من خلال التطور العلمي والطبي، معتبراً أن فقدان البشر لوظائفهم «ثمنٌ يُحتمل» مقابل ازدهارٍ اقتصادي شامل.

البحث